الندوة التي نظمتها جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية سلطت الضوء فيها على قانون القرض الحسن الذي يمنح المتقاعد قرضاً من دون فوائد وبمقدار سبعة اضعاف راتبه على ان يُسدد خلال ثمان وعشرين شهرا وباستقطاع من ربع الراتب
الندوة التي نظمتها جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية سلطت الضوء فيها على قانون القرض الحسن الذي يمنح المتقاعد قرضاً من دون فوائد وبمقدار سبعة اضعاف راتبه على ان يُسدد خلال ثمان وعشرين شهرا وباستقطاع من ربع الراتب. وهذا القانون ذو صبغة سياسية من وجهة نظري ويشاركني الكثير بذلك. ولم يقف عند هذا الحد، فهناك توجه لدى اللجنة المالية البرلمانية بإدخال تعديلات على هذا القانون، ابرزها زيادة القرض تحت مسمى امثال ليصبح عشرة اضعاف راتب الموظف وستة عشر للمتقاعد على ان يُخصم %10 من الراتب وفترة السداد 160 شهراً، اي على مدى 13 سنة واربعة أشهر تقريبا، من دون الرجوع إلى الحالة المالية للمقترض، ولا حتى الاستعانة بشبكة «سي آي نت»، وهي الشبكة المرتبطة بالبنك المركزي، وتبين وضعية المتقاعد المالية وهذا بلا شك له آثار مدمرة على المتقاعد وعلى التأمينات وعلى الاقتصاد الوطني. بالنسبة للمتقاعد عوامل الاغراء متوفرة، وهي سهولة الحصول على القرض بدقائق معدودة وغياب الشروط المقيدة لحمايته وطبيعة القرض وهو حسن ومدة سداد طويلة بأقساط ميسرة، فهذه العوامل تشجع على الاقتراض ولكن سترهق المتقاعد اذا ما وصل اجمالي قروضه لأكثر من 60% من الراتب، وبالتالي سيعجز عن توفير احتياجات الاسرة الاساسية، ناهيك عن العجز في التسديد. وبالنسبة للتأمينات، بحسب تصريح الاخ خالد الفضالة القيادي في التأمينات، فإن العجز الاكتواري كان 17 مليارا قبل قانون التقاعد المبكر والقرض الحسن المعمول به حاليا، والآن وبعد تنفيذه وصل إلى 19 مليار دينار، وبحسب الاحصائيات حاليا يوجد 140 الف متقاعد، ومن المتوقع ارتفاع العدد إلى 230 الفا خلال السنوات العشر القادمة بسبب التقاعد المبكر، وكذلك عدد المواطنين الذين تتراوح اعمارهم بين 50 و60، وهم على ابواب التقاعد، اي بزيادة 80 الف متقاعد وحجم القروض سيرتفع من 1.5 مليار إلى 2.5 تقريبا، وبالتالي سيرتفع العجز الاكتواري إلى أكثر من 22 مليارا على اقل تقدير، إضافة إلى أنه لا يوجد سقف محدد لعمر المقترض، اي إنه ممكن لمن في عمر الـ70 وما فوق، وهذه فيها مخاطرة على التأمينات. الاخ الوزير بدر الحميضي ذكر كلاما مهما وخطيرا جدا أنه عندما كان وزيرا، اي قبل حوالي 14 سنة كان العائد الاستثماري للتأمينات %9 واليوم يبلغ %4، ومن المعلوم أن الحد الادنى المقبول للعائد الاستثماري لصناديق التأمينات هو %6، لذلك واضح بأن قرارات الصرف كالقرض الحسن لم يراع فيها هذه الجوانب من قبل اللجنة المالية البرلمانية، والسؤال من اين ستجري تغطية العجز المستمر بغياب الحد الادنى للعائد الاستثماري للتأمينات؟ واذا كان من الاحتياطي العام فقد هبط الاحتياطي العام من 66 مليارا إلى 22 مليارا، وإذا استمر السحب منه فسينضح خلال سنتين، واذا جرى السحب من صندوق الاجيال فماذا سنبقي للاجيال القادمة؟ لذلك من المفترض ايجاد طرق وآليات ومنهاج لرفع العائد الاستثماري وتحقيق ارباح بدلا من استنزاف اموال المتقاعدين بالقرض الحسن. اما بالنسبة للاقتصاد الوطني، فمثل هذه القوانين هي دمار للاقتصاد الوطني ولا يوجد بهذا القانون اي اضافة ذات قيمة اقتصادية، على العكس من ذلك هذا القانون سيعزز ثقافة الاستهلاك وضعف فرص المشاريع الانتاجية والمشاريع الاقتصادية الرديفة للنفط، بالاضافة إلى انه سيسهم بالتضخم المتوقع وغلاء الاسعار ولن تستفيد لا الاسر المقترضة ولا الدولة من هذا القانون الاستهلاكي. لذلك، فهذا القانون بوضعه الحالي اذا ما جرى التعديل عليه بما ذكرته لن ينفع المتقاعد ولا التأمينات ولا الاقتصاد الوطني، بل نؤكد كما اكدنا من قبل بأن على اعضاء مجلس الامة التركيز في المرحلة المقبلة على الاصلاحات الاقتصادية بدءا من وقف الهدر والصرف غير المبرر من المال العام والحد من الفساد بكل اشكاله مع تقييم كامل لمدى التطور والتقدم في محاربة الفساد مع فتح كل الملفات المتعلقة به ومحاسبة المقصرين والتركيز على ايجاد ايرادات اخرى للدولة مع رفع نسبها للتقليل من مخاطر الاعتماد على مصدر وحيد للدخل القومي الا وهو النفط.
في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.