تضمن مشروع قانون المالية 2020 عدة مقترحات وتدابير جبائية، ترمي في مجملها إلى توسيع دائرة التحصيل الجبائي العادي وتحقيق إيرادات إضافية، لضمان تقليص العجز في الموازنة الذي يفوق سقف 1500 مليار دينار
تضمن مشروع قانون المالية 2020 عدة مقترحات وتدابير جبائية، ترمي في مجملها إلى توسيع دائرة التحصيل الجبائي العادي وتحقيق إيرادات إضافية، لضمان تقليص العجز في الموازنة الذي يفوق سقف 1500 مليار دينار، ومن بين التدابير المقترحة من قبل حكومة تصريف الأعمال في المشروع مراجعة السعر المرجعي للنفط المقدر بـ50 دولارا إلى 45 دولارا للبرميل، بالنظر إلى التقلبات التي عرفتها أسواق النفط، خاصة وأنه يتوقع أن يسجل متوسط سعر النفط الجزائري هذه السنة مستوى متدنيا في حدود 63 دولارا للبرميل، وبلغ 64.91 دولارا للبرميل خلال الثمانية أشهر الأولى من السنة.
وفي الوقت الذي لجأت حكومة تصريف الأعمال إلى مقاربة حذرة، للتأقلم مع تطورات أسعار النفط، باعتماد سعر مرجعي يقدر بـ45 دولارا للبرميل، بعد أن كان السعر المرجعي لبرميل البترول لإعداد ميزانية الدولة محددا بـ50 دولارا.
ويعتمد معدو ميزانية الدولة في تقدير الجباية البترولية الموجهة لميزانية (الباقي من الجباية البترولية المحصلة توجه لصندوق ضبط الإيرادات) خلال أية سنة مقبلة، على مؤشرات ثلاثة تتمثل في كمية المحروقات المتوقع تصديرها والسعر المرجعي لبرميل البترول المعتمد لإعداد الميزانية علاوة على سعر صرف الدينار مقابل الدولار، أي مقابل العملة الأمريكية المستخدمة حصرا في الأسواق البترولية الدولية.
من جانب آخر، اقترحت الحكومة أيضا في إجراء جبائي جديد رفع النسبة العادية للرسم على القيمة المضافة بنقطة مئوية واحدة لتنتقل من 19 إلى 20 في المائة. ومن الواضح أن الحكومة اتجهت إلى خيار تحميل المواطن جزءا من أعباء الأزمة التي تتخبط فيها جراء تراجع الإيرادات وأسعار المحروقات، وتلجأ بالتالي إلى الزيادات المتدرجة وإقرار رسوم على غرار الرسم على التلوث المفروض على السيارات والذي يتراوح ما بين 1500 و3000 دينار، فضلا عن فرض رسم على عمليات التوطين البنكي لاستيراد السلع والخدمات منها 0.5 في المائة للسلع والبضائع الموجهة لإعادة البيع على حالها.
وفيما يتعلق بالرفع من الرسم على القيمة المضافة بررت الحكومة ذلك بتحسين الوضعية المالية لميزانية الدولة والجماعات المحلية، خاصة وأن نسبة 80 في المائة من الإيرادات توجه إلى الميزانية والباقي إلى البلديات.
ومن شأن تعديل النسب، أن يحدث تغييرات جوهرية في عدة مواد ومنتجات منها الاستهلاكية، خاصة وأن الرسم على القيمة المضافة يقع عادة على عاتق المستهلك النهائي. إلا أن الملاحظ أن غياب الفوترة وسيادة السوق الموازية والتعاملات غير الرسمية يحد من فعالية التحصيل في قطاعات ومجالات عديدة.
يرمي قرار تعديل تركيبة وبنية الرسم على القيمة المضافة التي ترتكز في الجزائر على قيمة دنيا "7 في المائة" وقيمة عليا "17 في المائة"، إلى تحصيل موارد إضافية. فبعد أن تم التفكير في توحيد الرسم في حدود 19 أو 21 في المائة، اتضح أن مثل هذا المسعى سيترتب عنه إعفاء عدة منتجات، فتم التوجّه لاقتراح ثان، يتمثل في رفع بنقطتين للرسم، سواء النسبة الدنيا أو الأعلى، وينتج عنها زيادات من إيرادات الدولة.
علما أن الجزائر اعتمدت الرسم على القيمة المضافة منذ أفريل 1992، ويعتبر الرسم على القيمة المضافة ضريبة عامة للاستهلاك تخص العمليات ذات الطابع الصناعي والتجاري والحرفي والحر، وتقصى من المجال التطبيقي للرسم على القيمة المضافة العمليات ذات الطابع الفلاحي أو الخدمات العامة غير التجارية، وأدرجت الجزائر بداية من الفاتح جانفي 1995 الرسم على القيمة المضافة على عمليات البنوك والتأمين التي كانت سابقا خاضعة لرسم معين يعرف بـ"الرسم على عمليات البنوك والتأمين".
ويعتبر الرسم على القيمة المضافة، ضريبة يتحملها المستهلك أو المواطن، غير أنها تحصل بصفة منتظمة كلما تمت معاملة خاضعة للرسم، وفي حال خضوع الشخص للرسم على القيمة المضافة، يمكن مطالبة عملائه بخصم الرسم منه، ليتم تحريره في فاتورة من طرف الممولين أو الذي يدفعه عند الاستيراد. ولكون الرسم على القيمة المضافة حقيقة تخص الاستهلاك النهائي للسلع والخدمات وهي ضريبة غير مباشرة، فإن الحكومة تسعى لضمان تثمينها، من خلال مراجعة التركيبة لتوسيع استخداماتها، وبالتالي الاستفادة من إيرادات إضافية ومداخيل تغطي بها العجز في موازنتها، فيما سينتج عنها بالمقابل تأثير في مستويات الأسعار وبالتالي التضخم، ولكن أيضا على مستويات نمو عدد من القطاعات. وحسب تقديرات معدي المشروع التمهيدي لقانون المالية لسنة 2020، ستساهم الزيادة في نسبة الرسم بنقطة مئوية واحدة في رفع مداخيل هذه الضريبة بقيمة 44 مليار دينار يوجه 80 في المائة منها إلى الخزينة العمومية 35.2 مليار دينار ستكون عاملا على تغطية جزء صغير جدا من عجز ميزانية الدولة.
وتشير تقديرات المشروع التمهيدي لقانون المالية إلى أن عجز ميزانية سيتجاوز السنة القادمة 1500 مليار دينار بما يعني أن مساهمة الزيادة في رسم القيمة المضافة بنقطة مئوية واحدة لا تمثل أكثر من 2.35 في المائة فقط.
في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.