والقاعدة أنه كلما قلت المدة زادت الحاجة إلى ادخار أعلى لدفع فواتير عالية، وقلت الحاجة إلى ادخار أقل لدفع فواتير بسيطة.
كاتب المقالة : د. صالح السلطان
حدث في العام الماضي وتكرر هذا العام أن تسلم كثيرون رواتب أو معاشات تقاعد ما قبل العيد قبل موعد الصرف الرسمي بأيام. والسبب مراعاة إجازة عيد الفطر وزيادة الصرف فيها. وهذا تصرف مرغوب من جهة، لكن له أثرا غير مرغوب فيه من جهة أخرى، وهي تطويل مدة الراتب أو المعاش المستحق وقته بعد العيد. وبصفة أعم، تنفد رواتب كثيرين، وفي كل شهر تقريبا قبل موعد الراتب القادم بأيام كثيرة. ويقعون في حرج في تأمين مصروفات بسيطة لكنها ضرورية بقية أيام الشهر. وهناك مشكلة أخرى في توفير نفقة ضرورية كبيرة عندما يحل موعدها، مثل إيجار السكن.
والقاعدة أنه كلما قلت المدة زادت الحاجة إلى ادخار أعلى لدفع فواتير عالية، وقلت الحاجة إلى ادخار أقل لدفع فواتير بسيطة.
هل من رأي أقول ينهي المشكلة؟ فهذا غير ممكن، ولكن يخفف منها؟ حل يساعد على تحسين إدارة صرف الراتب، ما يسهل التوصل إلى حل مخفف لمشكلة توزيع صرف الراتب.
هناك من يرى أن تصرف الرواتب أسبوعيا. وأرى صعوبة تطبيق ذلك في بلادنا. ولكن من الممكن الترتيب لرأي يبقي على نظام الراتب الشهري مع تعديل فيه. ومن المهم التأكيد على أنه لا يوجد حل كله محاسن أو كله مساوئ، ومن ثم فما يهم هو ما يرى أنه الأصلح لأصحاب الأعمال وللموظفين. والحديث عن الأغلبية العظمى، التي لا تتسلم رواتب عالية جدا.
كيف؟
عمل تنظيم محاسبي في دفع الرواتب بحيث يدفع جزء صغير من الراتب مقسطا. مثلا دفع نحو ثلثي إلى ثلاثة أرباع الراتب شهريا، وتقسيط الباقي على قسطين كل عشرة أيام قسط، أو على ثلاثة أقساط كل أسبوع يتبقى من الشهر قسط. ومن الممكن أيضا الترتيب، وحسب رغبة الموظف، لادخار جزء من الراتب لتغطية جزء كبير من مستحقات تدفع كل بضعة أشهر كالإيجار.
أما من يرون أن تفرض الدولة نظام صرف الراتب أسبوعيا، أو كل نصف شهر فرأيهم ليس بجديد طبعا على العالم. فهناك دول كثيرة تفعل ذلك. وله محاسن وعيوب.
من المتوقع أن تزيد الرواتب المستلمة قليلا إذا صارت الرواتب تصرف أسبوعيا. ويشبه ذلك بعض الشبه سعر التجزئة الذي هو عادة أعلى من سعر الجملة. بمعنى أنه المتوقع أن الدفع بالأسبوع سيزيد قليلا أجور الموظفين لو جمعت سنويا، مقارنة بالدفع الشهري. كما أنه يتوقع أن تقليل مدة الدفع تدفع عادة إلى تعويض عن ساعات العمل الزائدة، بصورة أقوى من حالة مدة دفع أطول.
لكن يعرف مما سبق أن تقليل مدة الدفع يزيد من تكلفة الأجور على أصحاب العمل. وزيادة تكلفة عنصر العمل تحفز أصحاب الأعمال على تقليل التوظيف. والأمر نسبي.
يرى البعض أن صرف الرواتب في مدد أقل من الشهر مرهق ماليا للشركة أكثر من مدة الشهر. والأمر يتطلب مزيد تقص.
من المهم عند التفكير في تطبيق أي تنظيم أن ينظر أيضا إلى مساهمته في تحسين ثقافة الاستهلاك والادخار لدى المجتمع وأفراده. ولعل فكرة صرف معظم الراتب شهريا، وتقسيط الباقي تسهم في تحسين هذه الثقافة.
ويرى البعض أن هذه الفكرة تسهم في تخفيف تركز التسوق وزحام الأسواق في بدايات الشهر.
ولعل الجهات المعنية في الدولة ترتب مع البنوك حول تطوير أنظمة تسمح بإدارة تحويل الرواتب إلكترونيا، إما من جهة الشركات أو الموظفين.
الخلاصة أنني أرى أن هناك حاجة إلى تطوير طريقتنا الحالية في صرف الرواتب. وبالله التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
قراءة 975 مرات
آخر تعديل في الأحد, 19 يونيو 2022 12:36
في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.