أكَّد الدُّكتور طلال أبو غزالة مُؤسِّس ومالك مجموعة طلال أبوغزالة العالمية، أهميَّة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في ظل التوترات التجارية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أنَّ المجموعة تدرس إنشاء مصنع لإنتاج الأجهزة اللوحية في منطقة الدقم قريبا؛ حيث ستكُون المدينة بوابة أول تابلت عربي إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي حوار خاص لـ"الرؤية"، خلال زيارة قصيرة للسلطنة، أوضح أبوغزالة أنَّ هناك شركات عملاقة في مجال صناعة أدوات تقنية المعلومات من الحاسب المحمول والأجهزة اللوحية إلى جانب الهواتف الذكية، تقُودها بالدرجة الأولى 3 شركات كبرى في العالم؛ هي: آبل، وسامسونج، وهواوي، وأنَّ هناك بعضَ الشركات الأخرى المتخصصة في هذا المجال تُنَافس على مستوى جودة أقل، بينما في المنطقة العربية لا توجد أي شركة تعمل في هذا المجال مطلقا. وأضاف: "من هُنا، وجدنا أنَّ من مسؤوليتنا أن ندخل هذا النشاط؛ حيث تلقينا التحفيز من جامعة الدول العربية وحكومات بعض الدول العربية، لإطلاق مثل هذه المنتجات".
ويرى أبوغزالة أنَّ هذه الصناعات لا يُمكن أن تكون صناعات حكومية، مؤكدا أنَّه لا لوم على الحكومات العربية في هذا المجال؛ لأنَّ الحكومة لا يُمكن أن تصنع أجهزة لتبيعها عالميًّا، لكن يُمكنها أن تصنع أجهزة للبيع المحلي وهذا يحتاج لدراسة مستقلة. وبيَّن أنَّ مجموعة طلال أبو غزالة تدرس ذلك الأمر بالفعل حاليا مع بعض الحكومات، ومؤخرا وقعت المجموعة في مصر اتفاقية لتصنيع اللاب توب والتابلت على غرار المصنع الذي أنشأته المجموعة في الصين.
وتابع القول إنَّه وبجانب مكاتبنا الستة في الصين، أنشأنا شركة "تاج تك" -طلال أبو غزالة للتكنولوجيا- وهي التي تصنع الأجهزة الجديدة التي أنجزناها، مُعتبرا أن هذا النوع من الاستثمار "مهم جدًّا وحساس على مستوى العالم". ويتحدث أبوغزالة عن الجهاز الجديد "تاج توب"، فيقول إنه أول منتج عربي في مجال صناعة الكمبيوتر، وهو واحد من 3 منتجات تعمل عليها المجموعة في هذا المجال ننافس بها على مستوى العالم؛ ويتوافر الجهاز بمعالج ثماني المراكز بسرعة 1.6 جيجا، وشاشة HD عالية الوضوح بحجم 10.1 بوصة بدقة 1200x1920 بيكسل، وتبلغ سعة التخزين 64 جيجا بايت، كما يتمتع جهاز "تاج دي.سي" بكاميرا أمامية بدقة 5 ميجابيكسل وكاميرا خلفية بدقة 13 ميجابيكسل وفلاش، ويدعم الجهاز تشغيل شريحتيْ هاتف بشبكات الجيل الثاني والثالث والرابع، ومع نظام آندرويد 9.0، كما يأتي الجهاز مع بلوتوث ونظام تحديد المواقع GPS، ومع كل جهاز يحصل المشتري على حافظة جلدية مزودة بلوحة مفاتيح وشاشة حماية، إضافة إلى سماعات بلوتوث ذات جودة عالية وشهادة ضمان لمدة عام كامل. وأكد أبو غزالة أنَّ السببَ الرئيسي في تحديد سعر هذا الجهاز عند 80 ريالا يعود لتقليل هامش الربح للحد الأدنى، مقارنة مع هامش ربح عالٍ في الشركات المنافسة عالميًّا.
منطقة الدقم
وأبرز أبو غزالة الأهمية الاستثمارية للدقم، ودورها في تسويق منتجاته.. قائلا: نفخر بكوننا أول من أسس شركة مهنية في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم، ويعتبر إدخال أول تابلت عربي عبر الدقم تجربة مميزة؛ فجهاز "تاج" اللوحي يصنع في الصين.
وحول السر في الوصول لهذه الصيغة من مواصفات أعلى وسعر أقل، يُوضِّح أنَّ الشركات الكبرى تضيف على كل جهاز هامشَ ربح يصل إلى 70% على سعر بيعه، ويقول: قررنا أن يكُون هامش ربحنا فقط 10%، والسبب الثاني في تقليل السعر هو أن مؤسسة "طلال أبو غزالة الخيرية" -وهي مؤسسة غير ربحية- قدمت التمويل والدعم لنستطيع أنْ نُنتج هذا المنتج بدعم مالي منها لخدمة المجتمع. وتابع أنَّ هذا المنتج ليس عربيا فقط رغم أن إنتاجه وتصميمه وعقله واسمه وكل تفاصيله عربية، لكنه مُنتج يتوجَّه للسوق العالمي، مُعربا عن أمله في أن تتحوَّل شركته إلى واحدة من الشركات الكبرى في العالم في مجال المنتجات الإلكترونية اللوحية.
ومضى قائلا: أؤكد أن تجربتنا كانت ناجحة بل وفريدة في استيراد شحنة الأجهزة اللوحية عبر الدقم وتستحق الإشادة بها، ومن خلال تجربة وليس نظريًّا فإنَّه لابد من الإشادة بما تقوم به إدارة المنطقة الاقتصادية من جهود؛ فخلال يوم واحد فقط تم خروج الشحنة وتمت إجراءات التخليص بسرعة وسلاسة تؤكد مصداقية ما تتعهد به إدارة المنطقة من أن تصبح الدقم الأفضل والأسرع في المجال اللوجستي عالميا خلال المرحلة المقبلة". وقال: إن المجموعة تخطط لإنشاء شبكة توزيع في السلطنة ومن السلطنة إلى جميع دول مجلس التعاون؛ وبالتالي فإن الدقم ستكون هي بوابة أجهزتنا إلى المنطقة.
مستقبل الدقم عالمي
وتوقَّع الدكتور طلال أبو غزالة أنْ يكون لمنطقة الدقم مستقبلا واعدا للغاية خلال السنوات المقبلة، ليس فقط بسبب ما تتمتع به من تسهيلات وإدارة ناجحة، لكن كذلك لتطورات عالمية على رأسها التوترات التجارية في العالم. ويقول: أتوقع تطور الصراع التجاري العالمي بين أمريكا والصين؛ فالتقارير العالمية تشير إلى أنَّه صراعٌ قادم بشكل قوي، وأنه سيتحوَّل من عقوبات ومنافسة وخلافات تجارية ليصبح حربا تجارية حقيقية بمعنى الكلمة؛ بحيث تكون هناك مقاطعة بين العملاقين الاقتصاديين لبعضهما البعض، كما أتوقع أنْ يحدُث ارتباك في حركة التجارة في بحر الصين أي من الإنتاج الصيني؛ مثل: "هواوي"، أو المنتجات الأمريكية والعالمية التي تنتج فيها؛ مثل: "آبل"، وكذلك المنتجات التي تنتج في عدد من دول هذه المنطقة؛ ومنها: كوريا وفيتنام، والتي تشمل "سامسونج". وأعرب أبو طلالة عن خشيته من أن يتطوَّر الصراع إلى حرب عالمية، لافتا إلى أنَّه وبعد هذه الحرب سيجلس الطرفان للتفاوض على نظام عالمي جديد يحكمه قطبان وليس قطبا واحدا، مُعتبرا أنَّ هذا الأمر ترغب فيه أمريكا أيضًا.
واستطرد بالقول: بصفتنا أكبر شركة في العالم في مجال الملكية الفكرية، نعلم أنَّ هناك خِلَافا جذريًّا حول حقوق الملكية الفكرية، وربما يعدُّ هذا هو أكبر خلاف مالي في التاريخ؛ ولأنَّ نظرة الولايات المتحدة الأمريكية لحقوق الملكية الفكرية تختلف عن نظرة بقية العالم لهذا الحق؛ فأمريكا تَرَى أنَّ حقَّ الملكية الفكرية هو لمن اخترع الاختراع الأول -أي من العدم- وبالتالي فإنَّ كلَّ من يُطوِّر هذا الاختراع عليه أن يدفع لصاحب الحق أو المخترع الأول، بينما بمُوجَب اتفاقيات الملكية الفكرية والمنظمة العالمية التي تُديرها الأمم المتحدة، فإنَّ أيَّ تطوير لاختراع موجود بالفعل، وفيه حداثة وفائدة هو اختراع جديد. وبحسب وجهة النظر الأمريكية، فإنَّ الصين تدين بأموال هائلة نتيجة ما طورته من اختراعات لحقوق ملكية فكرية تملكها أمريكا، وهذه واحدة من اختلافات عديدة لدى الإدارة الأمريكية عمَّا يُوجد من نظم دولية حالية، وهي تعمل على تغييره".
وأضاف أن التحليلات تشير إلى أنَّه سينشأ نظام عالمي جديد، مشيرا إلى أنَّ هذا النظام سيدار من قبل القوتين الأكبر في العالم؛ مقارنا ذلك بفترة الاتحاد السوفييتي وأمريكا، لكنَّه استدرك أنَّ الولايات المتحدة لن ينتهي دورها أو قوتها، ولكن لمصلحة أمريكا أيضًا أن يكون هنالك توازن، وبدلا من أن تُصبح هي وحدها الحاملة لعبء مشكلات العالم، فإنَّه من المفيد جدًّا أن يكون هناك طرف آخر يُشارك في صنع القرار وإدارة النظام العالمي الجديد.
ورَغْم النظرة غير المتفائلة حول التوترات التجارية، لكنَّ أبو غزالة لم يُخفِ تطلعه لنتائج إيجابية عقب هذه الحرب التجارية، ويقول إنَّ الحروب "ليست دائما ضررا؛ فأوروبا انتعشتْ اقتصاديًّا عقب الحرب العالمية، وربما الضرر الاقتصادي يحدث حاليا بالفعل؛ فالتقارير الأمريكية تظهر أن الانكماش الاقتصادي بدأ بالفعل، وأوروبا لأول مرة جميع دولها -ومن بينها ألمانيا- ناتجها القومي صفر، التي لم يكن أحد يُصدق أن تصل إلى ذلك، ويتوقع أن يتطور الانكماش إلى ما يُسمَّى الكساد، ومن ثمَّ إلى غلاء الأسعار.. قائلا: أتوقَّع أن يحدُث هذا بسرعة، وأن نصل إلى مرحلة كساد وغلاء أسعار في نفس الوقت، وهو ما يُشكِّل وصفة سيئة للغاية.
وعَودةً إلى التوقعات للصراع الصيني-الأمريكي، أوضح أبو غزالة أنَّ رغبة الولايات المتحدة في التفاوض مع الصين لحل كافة المشكلات بينهما هو أمر جيد، خاصة ما يتعلق بآليات إدارة العالم، وهو من مصلحة العالم كله. ويرى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "سيصطنع" حربا، والحرب ليس هدفها احتلال الصين أو تدميرها، لكنَّ الهدف يتمثل في الجلوس والتفاوض مع الصين لصياغة اتفاقيات. وبهذا التفاهم، ستُحَل كثير من المشكلات الأخرى أيضا في المنطقة؛ ومنها على سبيل المثال: المشكلة مع إيران.
ويُؤكِّد أنَّ أكثرَ المناطق استفادة من فترة ما بعد الحرب ومن الاتفاق بين الطرفين هو المنطقة العربية، وتوقع أن تبدأ فترة ازدهار في العالم انطلاقا من هذه المنطقة، أولا: لأن الدمار الأساسي والأكبر الذي وقع كان في المنطقة؛ وبالتالي ستحتاج لإعادة إعمار، ومع وجود الأموال القادرة على تمويل هذا الإعمار، فستكون بُؤرة العمل والاهتمام نابعة من هذه المنطقة.