هل تتصدى الفاتورة والإيصال الإلكترونى للاقتصاد غير الرسمى؟

 تتوسع الحكومة فى خطة رقمنة منظومة الضرائب منذ سنوات عدة، لتحقيق هدف رئيس هو إدخال أكبر جزء ممكن من الاقتصاد غير الرسمى، تحت مظلة الاقتصاد الرسمى، مع زيادة المتحصلات الضريبية بهدف تحسين عجز الموازنة.

 

بدأت الحكومة خطتها بتجريب تطبيق منظومة «الفاتورة الإلكترونية» على التعاملات بين الشركات المختلفة عام 2020، ومع بداية العام التالى فعلته إلزاميًا على الشركات، لينضم إليها حتى مايو الماضى نحو 52 ألف شركة، من إجمالى شركات عاملة فى مصر يتجاوز عددها 160 ألف شركة، وفقًا لبيانات وزارة المالية.

 

وأصدرت «المالية» مؤخرًا، قائمة التطبيق الإلزامية على المحافظات ككل، فى الفترة بين 15 سبتمبر المقبل وحتى منتصف ديسمبر التالى له، على 4 مراحل شهرية.

 

ثم أعلنت الوزارة عن تطبيق منظومة جديدة هى «الإيصال الإلكترونى» للتحكم فى حركة المبيعات المستهلكين الافراد مع جميع المنصات التجارية التقليدية الكبيرة مثل سلاسل السوبر ماركت والصغيرة مثل المحال والأكشاك، وبدأ التطبيق الإلزامى لها مطلع يوليو الماضى، على 153 شركة.

 

وفقًا لتصريحات سابقة لوزير المالية، محمد معيط، فإن المنظومتان تُساعدان فى رصد الحجم الحقيقى لاقتصاد مصر، ومن ثم تحسين مؤشرات الأداء المالى، وتعظيم قدرة الدولة على تحقيق المستهدفات الاقتصادية.

 

وتمثل المنشآت الاقتصادية غير الرسمية نحو %53 من إجمالى عدد المنشآت العاملة فى مصر، رغم ذلك فرأس المال المدفوع فيها لا يمثل أكثر من %5.1 من قيمة مثيله فى المنشآت الرسمية، إذ لم يتجاوز 69.3 مليار جنيه، وفقًا لتقديرات جهاز التعبئة العامة والإحصاء، فى نتائجة التى أعلنها للمرة الأولى فى 2020.

 

وتسعى مصر خلال العام المالى الجارى لتحصيل إيرادات ضريبية بقيمة 1065 مليار جنيه، وبفارق 85 مليار جنيه عن المتوقع بنهاية العام المالى الماضى الذى بلغت متحصلات أول 11 شهرً منه نحو 816 مليار جنيه بنمو %16.2.

 

وناقشت «البورصة» عددا من الشركات التى تعمل من خلال المنظومتين، بشأن مدى أهميتهما وآليات التطبيق، وما إذا كانت ثمة مطالب بشأنها أم لا، وأبدت شركات ترحيبا واسعا بشأن تطبيق المنظومتين، لكن فريق آخر طالب بفترة انتقالية لتقنين الأوضاع واستكمال أوراق العمل مع مصلحة الضرائب قبل التطبيق الإلزامى.

 

أجمعت الشركات على أن الأنظمة الجديدة ستكون أحد أهم الأدوات التى ستسهم فى التصدى للاقتصاد الموازى وإدخاله تحت مظلة الاقتصاد الرسمى للدولة.

 

قال فيكتور فخرى، رئيس القطاع المالى بشركة دايس للملابس الجاهزة، إن الشركة بدأت تطبيق نظام الإيصال الإلكترونى بداية من شهر يونيو الماضى، قبل أن يبدأ التطبيق الإلزامى بشهر تقريبًا.

 

أوضح أن الشركة فضلت تبكير موعد تطبيق الإيصال الإلكترونى، وتمت عملية الإدراج للمنظومة الجديدة بصورة سريعة، خاصة أنها كانت منضمة بالفعل لنظام الفاتورة الإلكترونية، ما سهل الإنتقال.

 

أضاف أن تطبيق النظام الجديد لم يستغرق أكثر من أسبوعين للانتهاء من الانضمام وتكويد المنتجات، فيما تزيد هذه المدة وفقا لقوة الشركة ومدى تنظيمها.

 

لفت إلى أن النظام الجديد للفاتورة والإيصال الإلكترونى سيُساعد فى ضبط الاقتصاد بشكل خاص فى مصر، خاصة إتاحة جميع المعلومات أمام الجهات المختصة عن العمليات البيعية، سيعظم الفوائد الاقتصادية.

 

وذكر أن الاستفادة من النظام الجديد للفواتير والإيصالات ستكون عامة للاقتصاد أكثر من استفادة الشركات منها بشكل خاص، كما ستُساعد الشركات على مواجهة المنافسة أمام الاقتصاد غير الرسمى.

 

أوضح أن النظام الجديد يُلزم الشركات المدرجة به بالتعامل مع الشركات المنضمة بالفعل لنظام الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكترونى فقط دون غيرها، وتعتبر هذه الخطوة وسيلة لتشجيع الشركات للإدراج فى تلك المنظومة للاستفادة من كافة الخدمات التى تقدمها الحكومة.

قال أشرف سُليمان، مدير إدارة حسابات الضرائب بشركة سبينس للصناعات الغذائية، إن الشركة بدأت تطبيق الإيصال الإلكترونى مطلع يوليو الماضى، وجاءت ضمن قائمة أعنتها وزارة المالية للعمل بنظام الإيصال الإلكترونى بداية من العام المالى الجديد، والمربوط بشكل مباشر مع مصلحة الضرائب والذى يسجل أى عملية بيعية تتم بشكل مباشر.

 

أضاف سُليمان، أن عملية التجهيز للانضمام إلى النظام الجديد استغرقت فترة بين 4 و5 أشهر، لكى تتمكن من تكويد المنتجات بالإضافة إلى فترة تجريبية، لكى تتمكن الشركة من التنفيذ الفعلى مطلع يوليو الماضى.

 

أوضح أن النظام الجديد بمقدوره إحكام السيطرة على السوق ومواجهة الاقتصاد الموازى والمتهربين من الضرائب، كما أنه وسيلة لحماية الشركات الرسمية الملتزمة.

 

شدد سُليمان، على ضرورة إجراء حوار مجتمعى قبل اتخاذ أى قرار لمعرفة تبعاته على السوق واقتراحات الشركات التى سيتم إلزامها بتطبيق تلك القرارات، لتجنب حدوث مشكلات، بالإضافة إلى التيسير على الشركات أثناء التطبيق، وقد تُقدم الشركات مقترحات للتحسين وتسهيل الإجراءات.

 

قال أحمد الوسيمى، نائب رئيس غرفة تجارة القاهرة باتحاد الغرف التجارية، إن الغرفة نظمت العديد من الندوات التوعوية بكيفية الانضمام لنظام الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكترونى بالتعاون مع مصلحة الضرائب للقطاعات التجارية المختلفة، وستنظم شُعبة التكييف والتبريد التى يرأسها «الوسيمى» ندوة لمزيد من التعريف بالأنظمة الجديدة.

 

أوضح الوسيمى أن الكيانات الفردية ستبدأ تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية فى سبتمبر المقبل، ولكن تطبيق أى نظام جديد يحتاج لبعض الوقت للتعرف على آليات تنفيذه، بالإضافة إلى التعامل مع المشكلات التى تواجه الشركات أثناء التطبيق، والعمل على حلها أولًا بأول.

 

وقال جمال عبدالمعطى، رئيس شعبة الدراجات النارية والنقل الخفيف بغرفة القاهرة التجارية، إن الشركات الفردية لا تزال لا تملك القدرة على الالتزام بالانضمام لنظام الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكترونى خلال الفترة الحالية.

 

وطالب عبدالمعطى، بتأجيل إلزام الشركات الفردية بالانضمام خلال الفترة المقبلة نظرا لتحديات تمر بها الشركات الفردية خلال المرحلة الحالية، كما أن الشركات الصغيرة لا تستطيع الوفاء بالرسوم الخاصة بالختم الإلكترونى وتكويد المنتجات على النظام الجديد، وأيضًا بعض أصحاب المحال الصغيرة لا يُجيد التعامل مع الأنظمة الإلكترونية، ولا يعملون من خلال مُحاسبين متخصصن.

 

وقدرت مصادر تكلفة الانضمام إلى نظام الفاتورة الإلكترونية بنحو 20 ألف جنيها، وهى تكلفة استخراج الختم الإلكترونى، وتكويد المنتجات، وتنفيذ الاشتراطات الأخرى على الممولين من خلال شركات متخصصة تُحددها مصلحة الضرائب.

 

قال حازم القماح، نائب رئيس شعبة الصيدليات بغرفة القاهرة التجارية، إن الصيدليات تواجهها عقبة فى تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية لأن الصيدليات تحتسب ضريبتها على المشتريات وليس المبيعات عكس باقى القطاعات، وهو ما يعتبر تحديًا فى التطبيق.

 

أوضح القماح، أن الشعبة التقت خلال الأسبوع الماضى بمصلحة الضرائب وناقشت معها الوضع، فيما وعدت «الضرائب» بدراسة هذه المشكلة والسعى لحلها لكى تتمكن الصيدليات من الانضمام للمنظومة.

 

أشار إلى أن القطاع غير الرسمى يعتبر من أكبر التحديات التى تواجه كافة القطاعات التجارية والصناعية المرخصة والملتزمة، والتى تتحمل أعباءً كثيرة من الضرائب والعمالة والتأمينات ومدخلات كثيرة لا يتحملها الاقتصاد الموازى بل وينافسها فى التسعير.

 

أضاف أن الصيدليات تواجه تحديات فى خفض أسعار المنتجات من مواد التجميل والعناية بالبشرة وحافضات الأطفال لدى منصات البيع غير المسجلة رسميًا، ما يُسبب توقف نشاط شركات الصيدليات لشدة المنافسة معها».

 

قال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن الاقتصاد الموازى يعتبر عقبة فى طريق الشركات المسجلة فى المنظومة الرسمية، وطالب بتيسير إجراءات تسجيلها واستخراج التراخيص، لتشجعها على الانضمام للاقتصاد الرسمى.

اشار إلى أهمية تقديم مزايا لضم الشركات غير المدرجة رسميًا مثل الإعفاءات الضريبية، وتوفير مصانع مرخصة، واحتساب الضرائب بشكل دقيق وليس جُزافيًا، حتى لا تنفر الشركات من المنظومة الرسمية، مع تشديد الرقابة على الأسواق وحماية السوق الرسمى المحمل بالكثير من الأعباء.

 

حددت مصلحة الضرائب مفاهيم بعينها لتوضيح الفاتورة والإيصال الإلكترونى أمام الشركات والممولين لتسهيل الإنضمام إلى المنظومتين الجديدتين.

 

وذكرت أن الفاتورة الإلكترونية هى مستند إلكترونى موحد ومُعترف به فى مصلحة الضرائب يثبت معاملات بيع السلع والخدمات المختلفة ويتم التعامل به بين الشركات، ويتم إعدادها والتوقيع عليها إلكترونيًا، وإرسالها واستلامها لحظيًا من خلال منظومة الفواتير الإلكترونية.

 

تشتمل كل وثيقة على توقيع إلكترونى خاص يوضح هوية المُوقع لمنع التزييف وضمان الأمان والخصوصية، وتعد مصر من أولى الدول التى طبقت هذا النظام فى الشرق الأوسط.

 

يستهدف هذا النظام سهولة تبادل البيانات إلكترونيًا، وتخفيف أعباء الكتابة وجمع البيانات الورقية، والحفاظ على السجلات وعدم ضياعها، وتخفيض التكاليف، وتسهيل عمليات الفحص الضريبى، والقضاء على الاقتصاد غير الرسمى.

 

أما الايصال الإلكترونى يمثل امتدادًا للفاتورة الإلكترونية، وهو مستند إلكترونى يرصد جميع معاملات بيع السلع والخدمات من الشركات والتجار إلى المستهلكين، وذلك من خلال إنشاء نظام مركزى يُمكن مصلحة الضرائب من رصد ومعرفة كافة المعاملات بشكل لحظى.

 

بدأت الحكومة فى مصر العمل بنظام الإيصال الإلكترونى إلزاميًا مطلع شهر يوليو الماضى، وبدأ الطبيق بالفعل على 153 شركة حددتها وزارة المالية لتنطلق من بعدها باقى الشركات فى التطبيق.

 

 

قراءة 758 مرات آخر تعديل في الأحد, 04 سبتمبر 2022 07:51

الموضوعات ذات الصلة

سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…