"الضرائب البريطانية" تتهم "جنرال إلكتريك" بالاحتيال وتتطالبها بمليار دولار

في 2012، تلقى ويل موريس، مدير السياسة الضريبية في شركة جنرال إلكتريك، جائزة من مصلحة الضرائب البريطانية، تقديرا لدوره في "تنوير النقاش العام حول الشركات الكبيرة والضرائب وإدانة التهرب الضريبي والترتيبات الضريبية المسيئة التي ليس لها غرض تجاري".

منذ ذلك الحين، أوقفت مصلحة الضرائب في المملكة المتحدة "جوائز المشاركة الخارجية". كما قامت أيضا بمراجعة وجهة نظرها بشكل كبير حول قسم الضرائب في جنرال إلكتريك.

في القضية الأولى من نوعها ضد شركة متعددة الجنسيات، تتهم مصلحة الضرائب عملاقة الصناعة الأمريكية بالاحتيال - وتطالب بمليار دولار عبارة عن ضرائب متأخرة.

الدعوى تضع مصلحة الضرائب الحازمة حديثا في خندق ضد اسم صناعي أمريكي عريق. إذا نجحت، ستكون واحدة من أكبر الانتصارات الفردية لسلطة الضرائب ضد شركة عالمية. ويمكن أن تمثل بداية لنهج أكثر عدوانية في التعامل مع التهرب الضريبي المعقد في المملكة المتحدة.

قال جورج تيرنر، مدير مركز الأبحاث تاكس ووتش TaxWatch، الذي نشر تقريرا حول القضية: "يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها مصلحة الضرائب شركة كبرى بالتورط في تحريف احتيالي من أجل الحصول على ميزة ضريبية. هذا سيرسل موجات صادمة عبر عالم الضرائب".

القضية مهمة من الناحية المالية لشركة جنرال إلكتريك، التي بعد أن تكبدت خسائر على مدى الأعوام الأربعة الماضية تجد أن كتابة شيك بقيمة مليار دولار ستكون مؤلمة جدا. كما أنها تؤثر في مجموعة من المؤسسات الأخرى - بما في ذلك شركة سلوتر آند ماي، مكتب المحاماة الذي قدم المشورة لشركة جنرال إلكتريك بشأن الصفقة المعنية، وبرايس ووترهاوس كوبرز PwC، شركة المحاسبة التي هي واحدة من الأربعة الكبار التي توظف الآن الجزء الأكبر من فريق الضرائب السابق لشركة جنرال إلكتريك، بمن فيهم موريس.

تنطلق القضية من لحظة قبل عيد الميلاد مباشرة في 2005 عندما بدا أن فريق الضرائب لشركة جنرال إلكتريك - الذي اشتهر في الصناعة باسم "هارفارد أقسام الضرائب" - سيفوز بانتصار كبير آخر.

مجموعة جنرال إلكتريك ضمت روي كلارك، مدير ضرائب في المملكة المتحدة، وجان مارتن، وهو محام مقره كونيتيكت، وموريس، مسؤول الخزانة الأمريكية السابق المولود في بريطانيا وكاهن بدوام جزئي. المجموعة أقنعت مصلحة الضرائب بالموافقة على خصم ضريبي على صفقة مثيرة للجدل من شأنها أن توفر على الشركة مئات الملايين من الدولارات.

الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بعد ستة أشهر من الاجتماعات مع مصلحة الضرائب، يعني أن جنرال إلكتريك يمكن أن توزع مليارات الدولارات بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا دون مخالفة القوانين الضريبية البريطانية الجديدة حول مكافحة المراجحة، التي دخلت حيز التنفيذ قبل ذلك بأشهر فقط.

تدعي مصلحة الضرائب أنها خدعت من قبل جنرال إلكتريك خلال الأشهر الستة من المفاوضات من أجل الحصول على ميزة ضريبية "ثلاثية" في جميع الدول الثلاث. وتدعي أيضا أن المجموعة الأمريكية ضللت مسؤوليها التنفيذيين ودفعتهم إلى الاعتقاد بأن الصفقة ستستخدم للاستثمار في شركة أسترالية، في حين أنه بدلا من ذلك، كما تدعي المصلحة، تم نقل الأموال في أنحاء المجموعة لغرض إنشاء خصومات ضريبية.

وطلبت المصلحة من محكمة البداية إلغاء اتفاقية 2005، التي ستجبر جنرال إلكتريك على دفع ضرائب 15عاما على الصفقة، إضافة إلى الفوائد والغرامات، يبلغ مجموعها أكثر من مليار دولار.

تنفي جنرال إلكتريك أنها ضللت مصلحة الضرائب بشأن طبيعة الصفقة. ورفعت قضية مضادة في محاولة لإجبار مصلحة الضرائب على إسقاط القضية. وقالت في بيان: "تلتزم شركة جنرال إلكتريك بجميع قوانين الضرائب المعمول بها في كل دولة نزاول فيه أعمالنا، ونرفض مزاعم مصلحة الضرائب في المملكة المتحدة ونعترض بشدة على هذه الادعاءات الكاذبة".

حاولت المملكة المتحدة تضييق الخناق على خطط المراجحة الضريبية في 2005. كانت شركات ذات أسماء معروفة مثل باركليز تستغل عدم التوافق بين القواعد الضريبية للدول المختلفة لنقل الأموال إلى الخارج وخفض فواتير الضرائب في الداخل.

قوانين مكافحة المراجحة سمحت لمصلحة الضرائب بمنع الإعفاء الضريبي الذي تطالب به شركة في المملكة المتحدة إذا كانت الشركة قد طالبت بخصم في دولة أخرى للنفقات نفسها - وهي ميزة "الفائدة المزدوجة".

وبسبب القلق من إمكانية تطبيق القواعد الجديدة على الصفقة، دعت جنرال إلكتريك إلى اجتماع مع مصلحة الضرائب في أول نيسان (أبريل). إضافة إلى خمسة من ممثلي جنرال إلكتريك، اشتمل الحضور على ستيف إدج، أحد كبار الشركاء في سلوتر آند ماي، الذي كان يقدم المشورة للشركة، وديف هارتنت، وهو مسؤول ضرائب كبير يمثل حكومة المملكة المتحدة، الذي أصبح فيما بعد أمينا دائما في مصلحة الضرائب، وكين ألماند، مفتش ضرائب.

جادلت الشركة بأنه يجب أن يكون لها الحق في الإعفاء الضريبي على المعاملة الأسترالية لأن مدفوعات الفائدة المستخدمة لتمويل المعاملات التجارية قابلة للخصم الضريبي ولأن الغرض الرئيس منها لم يكن الحصول على ميزة ضريبية في المملكة المتحدة.

كان الماند متشككا. بعد خمسة أشهر من المفاوضات، كتب في ملف داخلي في مصلحة الضرائب: "لا يوجد حتى الآن أي دليل على سبب عقد الاستحواذ في المملكة المتحدة ولا يوجد حتى الآن دليل مقنع حول سبب تمويل الاستحواذ بالأسهم بنسبة 100 في المائة".

على الرغم من تحفظاته، تم التوصل إلى اتفاق في كانون الأول (ديسمبر) يوافق على الصفقة الأسترالية بموجب قواعد مكافحة المراجحة.

في أواخر 2018، غيرت مصلحة الضرائب رأيها. قالت إنها تلقت معلومات جديدة من سلطات الضرائب الأسترالية رسمت صورة مختلفة للغاية عن هيكل المعاملة والغرض منها. وقدمت مطالبة لدى محكمة البداية ادعت فيها أن شركة جنرال إلكتريك قامت "بسلسلة من التحريفات". وفي أيار (مايو) الماضي، صعدت الأمور، وتقدمت إلى المحكمة لتغيير قضيتها إلى اتهام بالاحتيال.

في وثائق المحكمة، ادعت مصلحة الضرائب أن قرارها في 2005 اعتمد جزئيا على محضر اجتماع مجلس الإدارة في جنرال إلكتريك الذي تمت فيه إزالة فقرات مهمة. وادعت شركة مصلحة الضرائب أن المحاضر التي تلقتها دفعتها إلى الاعتقاد بأن القروض من الشركات البريطانية استخدمت للقيام "باستثمار أسهم طويل الأجل" في شركة خدمات مالية أسترالية.

أظهرت المحاضر الكاملة - التي حصلت عليها مصلحة الضرائب بعد ذلك بأعوام - أن القرض كان في الواقع جزءا من تدفق نقدي دائري أكبر بكثير عبر شركات جنرال إلكتريك وأنه "لم يتم استخدام أي من القروض للحصول على أي أسهم" في الشركة الأسترالية، وفقا لدعوى مصلحة الضرائب.

اقترضت جنرال إلكتريك 3.8 مليار دولار من بنك أمريكي لم تتم تسميته وتم نقل المبلغ - على مدى أربعة أيام فقط - بين أقسامها في الولايات المتحدة ولوكسمبورج والمملكة المتحدة وأستراليا، قبل إعادته إلى البنك نفسه.

قالت مؤسسة تاكس ووتش: "من وجهة نظر مصلحة الضرائب، أكد كل هذا ما كانوا يرتابون فيه منذ البداية، وهو أن الغرض مما يسمى الاستثمار الأسترالي لم يكن أكثر من الاستفادة من فرصة المراجحة الضريبية في المملكة المتحدة".

مصلحة الضرائب قالت لـ"فاينانشيال تايمز": "لا نستطيع التعليق على قضية لا تزال قيد النظر. نحن نتأكد من أن كل دافع ضرائب، بغض النظر عن حجمه، يدفع كل ما يدين به بموجب قانون المملكة المتحدة".

تنفي جنرال إلكتريك جميع المخالفات. ويقول دفاعها إن المحاضر المفقودة "لا تشكل إغفالا جوهريا" وأنه تم تقديمها إلى مصلحة الضرائب "كمستخلص" بدلا من وثيقة كاملة. وتقول إن مصلحة الضرائب كانت على علم بأن القرض قد استخدم لإعادة تمويل ديون داخل المجموعة.

وفقا للشركة "ما تتجاهله دعوى محكمة مصلحة الضرائب بشكل أساسي هو حقيقة أن تفاصيل الاستثمار الأسترالي قدمت من قبل ممثلي شركة جنرال إلكتريك المملكة المتحدة بشكل شفهي، ومطول، وبحسن نية، إلى ممثلي مصلحة الضرائب".

قضت محكمة البداية الجمعة الماضي أن بإمكان مصلحة الضرائب متابعة قضيتها المتعلقة "بتضليل احتيالي" على الادعاء بأن جنرال إلكتريك فشلت في الكشف عن جميع المعلومات ذات الصلة بالاستثمار الأسترالي على الرغم من قولها إنها فعلت ذلك. وكتب القاضي زاكارولي: "الادعاء الأساسي بأن جنرال إلكتريك فشلت في الكشف عن الصورة الكاملة وأنها فعلت ذلك عمدا - سيسمح له بالوصول إلى مرحلة المحاكمة".

إذا تم تقديم القضية للمحاكمة، كما هو مخطط لها، في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، فستشمل مؤسسات كبيرة أخرى في الحي المالي في لندن. بعد مرور أكثر من عقد على الصفقة، نقلت جنرال إلكتريك معظم فريقها الضريبي العالمي إلى برايس ووترهاوس كوبرز، حيث أسندت أعمالها الضريبية إلى شركة المحاسبة لخفض التكاليف.

من بين الذين انضموا إلى شركة برايس ووترهاوس كوبرز كل من موريس وريك دافينو وباتريك براون، الذين ساعدوا على التفاوض على اتفاقية 2005 مع مصلحة الضرائب. لكن برايس ووترهاوس كوبرز قامت أيضا بالتوظيف من الجانب الآخر، حيث عينت ديان هاي، وهي واحدة من خمسة مسؤولين في مصلحة الضرائب قادوا المفاوضات مع جنرال إلكتريك. برايس ووترهاوس كوبرز لها صلة ثالثة بالقضية: قسمها القانوني يدافع عن جنرال إلكتريك.

يمكن أن تخضع النصيحة المقدمة من شركة سلوتر آند ماي أيضا للتدقيق. من المتوقع أن تدور القضية حول ما قيل في الاجتماع الأول بين جنرال إلكتريك ومصلحة الضرائب في أول نيسان (أبريل) 2005. بصفته محامي جنرال إلكتريك في ذلك الوقت، كان إدج – وهو مخضرم في قانون الضرائب ويعمل في سلوتر آند ماي منذ 1975 - أحد الأشخاص الرئيسين في الغرفة. رفضت برايس ووترهاوس كوبرز، وسلوتر آند ماي، وإيدج التعليق.

تدعي جنرال إلكتريك أنها كانت واضحة بشأن الغرض من المعاملات خلال الاجتماع. قال دفاع الشركة: "سيعتمد المدعى عليهم في المحاكمة على الدليل على التأكيدات التي قدمت بالفعل، في مقابل التأكيدات التي تستنتجها فقط مصلحة الضرائب الآن".

موسومة تحت
  • ,
قراءة 682 مرات
سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…