الرقابة الداخلية الجيدة تنمع وقوع الكثير من الإختلاسات بأكثر مما يكشفه المراجعون الأكفاء
أصدرت منشأة المحاسبة .Able & Co تقريرها عن مراجعة (مؤسسة Youth Bible Studies (FYBS) وتضمن التقرير قيدا متعارف عليه عند مراجعة مثل هذه المؤسسات الخيرية . وجاء بالقيد أن المراجعين يستطيعون فقط التحقق من الإيرادات التي تم تسجيلها في دفاتر المؤسسة ، حيث يرد إلى المؤسسة العديد من الهبات النقدية من مصادر عديدة ، ولا يوجد وسيلة للتعرف على إجمالي هذه المنح .
وبعد مضي وقت قصير على إتمام المراجعة للسنة العاشرة على التوالي في FYBS ، تم إبلاغ منشأة المحاسبة .Able & Co أن المحاسب المسئول عن دفتر الأستاذ العام قام بإختلاس ۲ مليون دولار خلال السنوات الأربع الماضية . وارادت المؤسسة أن تعلم كيف حدث ذلك دون أن تتمكن منشأة المحاسبة من إكتشاف ذلك الأمر . وأجاب المراجع أنه يود معرفة كيف تم تنفيذ الاختلاس حتى يتمكن من الإجابة على هذا السؤال .
وبعد إجراء فحص متعمق و محاكمة جنائية للمحاسب المختلس ، ظهرت الحقائق التالية : يقع معسكر مؤسسة FYBS في ولاية أخرى بعيدا عن المقر الرئيسي للمؤسسة . ويتم تحصيل الأموال من الشباب الذين يلتحقون بالمعسكر وإيداعها في بنك محلي حتى يتم تحويلها إلى المقر الرئيسي . ويتم إيداع الأموال في البنك مقابل الحصول على شيك مصرفي يتم إرساله إلى المحاسب المسئول عن دفتر الأستاذ العام ، الذي يقوم بدوره بإرساله إلى المسئول عن إيصالات النقدية في المقر الرئيسي ، ويقوم المحاسب أيضا بتسجيل الإيراد بإستخدام نفس المعلومات الموجودة في الشيك المصرفي والمستندات الخاصة به . ونظرا لأن الأموال لا يتم إيداعها في حساب البنك المحلي الخاص بمؤسسة FYBS ، لايوجد سجل خارجي لإثبات إستلام الأموال ، وتم إرتكاب الغش بواسطة المحاسب من خلال إيداع أحد الشيكات دوريا في حساب يقوم هو بالرقابة عليه واسمه ( الحساب الخاص - FYBS. (وبالطبع لايتم تسجيل ذلك في دفتر الأستاذ.
وبعد إجراء المراجعون لفحص الرقابة الداخلية في المؤسسة ، تم إجراء مقابلات مع العاملين للتعرف على كيفية تنفيذ النظام . وخلال هذه المقابلات ، لم يتطرق أحد إلى وجود إجراء يتعلق بتحويل الأموال من المعسكر . ولا يوجد ما يشير بوضوح إلى أن هناك أي فرد يعلم في المقر الرئيسي بخلاف المختلس عن كيفية تحويل الأموال من المعسكر . وأدى ذلك إلى إصدار تقرير مراجعة تم فيه الإمتناع عن الرأي و عدم تحمل المسئولية عن الخسارة التي حدثت للمؤسسة ، وبعد ذلك ساعدت منشأة المحاسبة المؤسسة على وضع نظام جديد للرقابة الداخلية لمنع وقوع الإختلاسات . ولم تقم المؤسسة بتغيير منشأة المحاسبة .
يعد تناول الرقابة الداخلية أمرا هاما في عملية المراجعة ويستحق أن يخصص لها معيارة خاصة من معايير المراجعة المتعارف عليها ، وينص هذا المعيار على :
(يجب أن يتم فهم الرقابة الداخلية وبشكل كاف حتى يتم التوصل لخطة المراجعة وتحديد طبيعة ومدى وتوقيت الإختبارات التي سيتم تنفيذها ).
و قد سبق التوضيح فيما سبق يعد فهم الرقابة الداخلية وتقدير خطر الرقابة الخطوة السادسة في تخطيط المراجعة . ويعد كل من دراسة الرقابة الداخلية ، تقدير خطر الرقابة ، وجمع أدلة المراجعة المرتبطة بهما أحد المكونات الأساسية في نموذج خطر المراجعة الذي سبق التعرض له. وخطر الرقابة خ ر يمثل أحد عناصر نموذج خطر المراجعة ، حيث يمكن تخفيض أدلة المراجعة المخططة في حالة فعالية الرقابة الداخلية . وسيتم في هذا الفصل إظهار كيف ومتى يمكن أن يحدث ذلك .
وحتى يمكن معرفة كيف يمكن إستخدام الرقابة الداخلية في نموذج الخطر ، يجب التعرف على مفاهيم الرقابة الداخلية الأساسية ، وبالتالي ، سيركز هذا الفصل على مضمون وأهداف الرقابة الداخلية من وجهة نظر كل من العميل والمراجع ، مكونات الرقابة الداخلية ، المنهجية التي سيتبعها المراجع لتحقيق متطلبات المعيار الثاني من العمل الميداني ، وتحتوي النشرة 55 من معايير المراجعة ( تم تعديلها إلى النشرة رقم ۷۸ ) على الدليل المهني الذي يتعلق بالرقابة الداخلية . ويرى عديد من المراجعين أن هذه النشرة تعد أكثر المعايير تعقيدة في مجال المراجعة .
أهميتها للعميل والمراجع Client and Auditor Concerns: سيتم في الجزء التالي من المقال مناقشة طبيعة الرقابة الداخلية ومدى أهميتها لكل من الإدارة والمراجع
عند تصميم نظام للرقابة ، يوجد لدي كل من الإدارة والمراجع بعض الإهتمامات المشتركة ، بالإضافة إلى وجود إهتمامات خاصة بكل طرف منهما . وتتمثل الإهتمامات المشتركة في تقييم النظام . وسيخصص هذا الجزء لبحث الإهتمامات الخاصة بكلا الطرفين .
الأهمية للعميل Client Concerns
يرجع السبب في وضع نظام للرقابة في شركة ما إلى مساعدتها على تحقيق أهدافها . ويحتوی النظام على مجموعة من السياسات والإجراءات التي يتم تصميمها لإمداد الإدارة بتأكيد مناسب على أن الأهداف التي تراها أساسية للشركة سوف يتم تحقيقها .ويطلق على هذه السياسات Policies والإجراءات Procedures عناصر الرقابة التي تشكل معا الرقابة الداخلية للشركة .
وفي عام ۱۹۹۲ تم نشر دراسة هامة عن الرقابة الداخلية بعنوان الرقابة الداخلية - إطار عمل متكامل . وتم تمويل هذه الدراسة من قبل اللجنة التي شملت المنظمات التي سبق أن رعت لجنة -Tread way ، وتتكون هذه اللجنة من العديد من منظمات المحاسبة . ويشار إلى هذه الدراسة ب « Coso » . وفي ديسمبر 1995 أصدر مجلس معايير المراجعة النشرة ۷۸ من معايير المراجعة والتي حلت محل النشرة 55 ، وتم فيها تبني تعريف ووصف الرقابة الداخلية الذي ورد في تقرير Coso وسيتم تعريف إهتمامات العميل في هذا الجزء في ضوء كل من تقرير Coso والنشرة رقم ۷۸ .
ويجب أن تزيد منافع الرقابة الداخلية عن التكاليف المرتبطة بها ، حيث يتم إختيار عناصر الرقابة عن طريق مقارنة تكلفتها مع المنافع المتوقعة منها ، ويعد من منافع الرقابة الداخلية للإدارة ، ولكنه ليس أهمها على الإطلاق ، تخفيض تكلفة المراجعة عند تقييم الرقابة الداخلية على انها تتسم بالجودة أو الإمتياز بما يؤدي إلى تخفيض خطر الرقابة .
ويوجد للإدارة عادة ثلاث اهتمامات أو أهداف عامة من تصميم رقابة داخلية فعال ، وهي :
الإعتماد على التقرير المالي ، تقع مسئولية إعداد القوائم المالية التي يستخدمها كل من المستثمرون ، الدائنون ، والمراجعون والمستخدمين الآخرين على عاتق الإدارة . وتقع على الإدارة مسئولية قانونية مهنية للتأكد من أن المعلومات المدرجة بالقوائم المالية تم عرضها بعدالة بما يتفق مع متطلبات التقرير الخاصة بمبادئ المحاسبة المتعارف عليها .
كفاءة وفعالية التشغيل : يتم وضع عناصر الرقابة بالمنظمة لتعزيز الإستخدام الفعال والكفء للموارد ، بما في ذلك الأفراد ، حتى يتم تحقيق أهداف المنظمة . ومن أهم جوانب عناصر الرقابة توفير معلومات دقيقة لإتخاذ القرار داخلية ، حيث توجد معلومات متعددة يتم إستخدامها في إتخاذ القرارات الحيوية . وعلى سبيل المثال ، يتم تحديد أسعار المنتجات بناء على معلومات تتعلق بتكلفة هذه المنتجات .
ويتعلق جانب اخر هام بالفعالية والكفاءة بحماية الأصول والسجلات . حيث يمكن سرقة الأصول الملموسة من الشركة ، أو أن يتم إساءة إستخدامها ، أو تدميرها بالصدفة ما لم توجد رقابة ملائمة تحميها . ونفس الشئ ينطبق على أصول أخرى مثل المدينين ، المستندات الهامة ( العقود الحكومية السرية ) ، والدفاتر ( دفاتر الأستاذ واليومية . وزادت أهمية حماية الأصول والسجلات منذ استخدام النظم الإلكترونية ، حيث يتم تخزين كميات كبيرة من المعلومات على وسائط مثل الأشرطة المغناطيسية والتي يمكن تدميرها إذا لم توجد وسائل حمائية لها ، ويؤثر حماية الدفاتر المحاسبية على إمكانية الإعتماد على التقرير المالي.
الإستجابة للقوانين والقواعد التنظيمية. يوجد العديد من القوانين والقواعد التنظيمية التي يجب على المنظمات أن تذعن لها . ويرتبط بعضها فقط بالجوانب المحاسبية . وتشمل الأمثلة فوانين حماية البيئة والحقوق المدنية ، وترتبط بعض القوانين الأخرى مباشرة بالجوانب المحاسبية . وتشمل الأمثلة القواعد التنظيمية الضرائب الدخل و غش الإدارة أو العاملين .
ويعد قانون الممارسات الأجنبية الخاص بالفساد أحد أهم القوانين الذي يؤثر في كل الشركات التي تعمل في إطار قانون تبادل الأسهم لعام 1934 ، وقد صدر عام ۱۹۷۷. ويتطلب هذا القانون أن تحتفظ الشركة ب ملائمة لإمساك الدفاتر . ولم يتم تعريف محتويات هذا النظام في القانون ، الذي عدل قانوني الأسهم ، ولكن تم الإشارة إلى أنه يجب توافر نظام كاف يمكن من خلاله إعداد قوائم مالية خارجية يمكن الإعتماد عليها ، وبما يؤدي إلى منع تحريف الدفاتر لدفع الرشاوى إلى الغير .
الأهمية للمراجع Auditor Concerns
كما سبق القول ، تعد دراسة الرقابة الداخلية ، وما ينتج عنها من تقدير لخطر الرقاية أمرا هامة للمراجعين في ضوء ما ورد بمعايير المراجعة المتعارف عليها .
مدى الإعتماد على التقرير المالي . حتى يتم العمل في إطار المعيار الميداني ، يهتم المراجع بصفة أساسية بعناصر الرقابة التي تتعلق أساسأ بإهتمامات الإدارة عن الرقابة الداخلية : مدى الإعتماد على التقرير المالي ، ويؤثر هذا الجانب مباشرة على القوائم المالية والمزاعم التي ترتبط بها وبالتالي يؤثر على هدف المراجع في تحديد مدى عدالة العرض بالقوائم المالية.
حيث يحتمل أن لاتعكس القوائم المالية بعدالة مبادئ المحاسبة المتعارف عليها إذا كانت عناصر الرقابة التي تؤثر في إمكانية الإعتماد على هذه القوائم غير ملائمة . ومن جانب أخر ، يمكن أن تكون القوائم عادلة على الرغم من أن عناصر الرقابة لاتشجع كفاءة وفعالية تشغيل العمليات التي تنتج هذه القوائم عنها .
و كما سبق التوضيح أن على المراجع مسئولية جوهرية لإكتشاف غش الإدارة والعاملين ، وبدرجة أقل ، لإكتشاف أنواع معينة من التصرفات غير القانونية . ولذلك على المراجعين الإهتمام بعناصر الرقابة الخاصة بحماية الأصول والإذعان للقوانين والقواعد التنظيمية إذا كانت تؤثر في عدالة القوائم المالية . القول فعلا أن على المراجعين التأكيد على عناصر الرقابة الخاصة بإمكانية الإعتماد على البيانات المعدة للإستخدام الخارجي للتقارير ، ولكن لا يجب تجاهل عناصر الرقابة التي تؤثر في المعلومات الداخلية للإدارة ، مثل الموازنات وتقارير الأداء الداخلية ، وتعد هذه الأنواع من المعلومات مصادر هامة للإدلة التي تساعد المر