مع توالي إعلانات شركاتنا عن نتائج أعمالها الخاسرة وإعلانات الهيئة بفرض الغرامات على مخالفات تتعلق بشفافية الإدارات مع مساهميها والمستثمرين بشركات مختطفة من إداراتها لسنوات طويلة لم تحقق إلا الخسائر الفادحة وتراكم القروض، تبرز المطالبات بإيجاد آلية جديدة لفرض الرقابة على إدارة تلك الشركات وتخصيص جهة مسؤولة أمام جهاتنا المختصة لتتولى مساءلة مجلس إدارتها عن أسباب استمرار الخسائر وفحص عملياتها لكشف الحقائق عن الممارسات التي تتم داخل الشركة ويتعذر على المستثمرين الاطلاع عليها وللتأكد من سلامة إجراءاتها وصفقاتها ووضع الحلول الفعالة لوضع حد للخسائر التي أدت الى احتراق أموال المستثمرين بشركات حصلت على موافقة الجهة المشرفة على الإدراج بالسوق وبعضها تملك الدولة حصصاً بها.
فطبقا لنظام الشركات فإن مساهمي الشركة هم من يمارس الحق في الرقابة على أداء مجلس إدارتها الذي يتم اختياره بالجمعية العمومية ومناقشتهم في مواضيع الشركة وأيضا اختيار المحاسب القانوني، إضافة الى انه بإمكان من يملك 5% وأكثر الاطلاع على حسابات الشركة، إلا أن مايتم تطبيقه في الواقع هو إجراءات شكلية وحالة يأس من المساهمين من عدم وجود اثر ملموس لدورهم بالجمعيات حتى في ظل رفضهم لإبراء ذمة مجلس الإدارة الذي لايترتب عليه أي نتائج او تحقيقات لكشف وإثبات التجاوزات، إضافة إلى انه بسبب تفتت الملكية بين عدد كبير من المساهمين ودخول صناديق استثمارية بملكية الشركات واعتماد مرشحي المجلس على العلاقات بتجميع الأصوات، وتحول جميع أعمال وحسابات الشركات لأنظمة تقنية تتطلب توفر قدرات عالية للمساهمين عند فحصها، فإن هناك حاجة لرفع مستوى الرقابة باعتبار أن ذلك ليس إساءةً لملاك الشركة وإنما لسمعة السوق ككل والمزمع فتحه للأجانب بوجود مخالفات وتجاوزات يراها الجميع وتنفي جميع جهاتنا كوزارة التجارة وهيئة السوق وهيئة مكافحة الفساد علاقتها بضبط ومعاقبة المتسببين فيها.
فعندما تشغل إدارة شركة خاسرة شاشة تداول بأخبار عقودها الضخمة خلال سنوات هذه الطفرة ووعودها باستفادة الشركة من تلك العقود ونرى أن الشركة مازالت خسائرها تتزايد وبمئات الملايين قد تصل لإيقافها، فان ذلك يمثل استغفالا ليس للمساهم فقط بل لجميع جهاتنا والجهات المتعاقدة معها التي تحرص على أن تتعاقد مع شركة تفي بالتزاماتها ووضعها المالي جيد لتنفيذ عقودها، فليس من المعقول أن تخسر شركة مساهمة تملك الإمكانات الكبيرة مئات الملايين في نشاط تربح فيه محلات صغيرة تديره عمالة وافدة! فهل هناك أخطاء مستمرة في تقدير تكلفة عقودها التي تعلن فوزها بها؟
أم أن الخسارة تكمن في المبالغة في تكلفة التنفيذ التي تُمنح لمقاولي الباطن ويتحمل مساهمو الشركة الخسارة؟
ففي نهاية العام اعتدنا على طلب الموافقة على التعاملات التي تمت مع أطراف لهم علاقة بإدارة الشركة! ومع تزايد خسارة الشركة لعقودها لابد من التحقق عن أسباب ذلك والمستفيد الحقيقي من الحصول على تلك العقود الضخمة التي تتطلب تصنيفا عاليا باسم الشركة المساهمة وتمرر من الباطن لشركات صغيرة خاصة لتنفيذها.
فالوضع الحالي الذي نشاهده بشركاتنا الخاسرة هو تآكل رأس المال وارتفاع حجم الخسارة وضخ المساهمين- ومنهم صندوق الاستثمارات العامة - أموالاً جديدة بالشركة بمبررات ورقية بهدف استمرار المضاربة بأسهمها، أي أنه حرق متواصل للأموال الوطنية الى مالا نهاية واستغلال لقروض الدولة والدعم للطاقة بعضها لإفادة مصالح شخصية يمكن أن تجاز في آخر كل عام بالجمعية وبدون أي رقابة فعلية عليها!
فواقع بعض شركاتنا يحتاج لتكليف جهة محايدة من الدولة تدعم المساهمين في الرقابة على الشركات ومنها شركات تمتلك الحكومة والصناديق التابعة لها حصة بها ولكن بسلبية في الرقابة، او لديها عقود مع الحكومة وتنفذها عبر المؤسسات الخاصة، وهو ما يستلزم سرعة إنهاء حالة الفساد المزمن في شركات أصبحت معروفة بالسوق المالي بأنها للمضاربة او كغطاء لشركات خاصة بعيدة عن الرقابة!
قراءة 938 مرات
آخر تعديل في الثلاثاء, 14 يونيو 2022 12:44
في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.