ما المقصود بالرقابة المرئية و الفرق بينها و بين الرقابة الغير مرئية ؟

ما المقصود بالرقابة المرئية و الفرق بينها و بين الرقابة الغير مرئية ؟

 

في أعقاب الأزمة المالية التي هزت العالم عام 2008 أصبح هناك إهتمام متزايد بالحوكمة المؤسسية أكثر من أي وقت مضى حيث إتجهت الكثير من الحكومات إلى فرض تشريعات من شأنها أن تساهم في تعزيز الشفافية والثقافة الأخلاقية داخل المؤسسات إلا أن غالبية تلك التشريعات ركزت على الإهتمام بالرقابة المرئية أكثر من إهتمامها بالرقابة غير المرئية ، في البداية و قبل أن نحدد أيهما أهم و دور المدقق الداخلي في تقييم كل منهم لنتعرف على الفرق بين الرقابة المرئية والرقابة غير المرئية.

 

يُطلق مُصطلح الرقابة غير المرئية - المتعارف عليه باللغة الإنجليزية (Soft Controls)- على الرقابة غير المحسوسة و التي يصعب تحديدها مثل الدوافع الأخلاقية والنزاهة والبيئة الأخلاقي والتمكين وأوجه الكفاءة أو الأهلية والشفافية والقيم المُشتركة بينما تُعد الرقابة المرئية - المتعارف عليها باللغة الإنجليزية (Hard Controls)- رقابة ظاهرة يمكن للشخص أن يحددها مثل الهيكل التنظيمي وتفويض الصلاحيات والمسؤوليات وسياسات التعامل مع الموارد البشرية. فالرقابة غير المرئية تُسهم في تعزيز كفاءة تنفيذ الرقابة المرئية كما تُساعد في تدعيمها فالأخلاقيات تُعد داعم لتأدية المهام على أكمل وجه.

 

 و لتوضيح أكثر يُظهر الجدول في الصورة الفرق بين الرقابة المرئية والرقابة غير المرئية: -

 

 من وجهة نظر بإمكان الرقابة الملموسة (المرئية) توجيه سلوك الموظفين من خلال إتباعهم للسياسات والإجراءات التي تحددها المؤسسة التي يعملون بها بينما تؤثر الرقابة غير المرئية المتمثلة بالدوافع الأخلاقية على سلوك الموظفين و تساعد في توافقهم مع تلك الإجراءات. بناءاً على ذلك يمكن النظر إلى الرقابة غير المرئية على أنها الأساس الذي يكفل كفاءة أداء الرقابة المرئية  كما يمكن لنهج الإدارة و أسلوبها أن يوثر بشكل مباشر في تعزيز الدوافع و السلوك الأخلاقي للموظفين أثناء تأديتهم لمهام عملهم، فالرقابة غير المرئية تُشكل جُزءًا من الثقافة السائدة في المؤسسة التي يعمل بها الموظف و التي تتأثر بدورها بالخلفية المجتمعية والثقافية للموظفين فحتى لو كان جميع الموظفين مُطالبين بالإلتزام بالقيم التي تُقررها قواعد السلوك المهني المُطبقة في المؤسسة فعادةً يكون لدى الموظف ثقافة شخصية وسلوك أخلاقي متأصل مختلف حيث يمكن للمؤسسة أن تساهم بتغيير هذا السلوك و لكن بشكل تدريجي.

 

 

لعب المدقق الداخلي على مدار عدة أعوام دورًا حيويًّا في تقييم فاعلية الأنظمة الرقابية إلا أن مهمة المُدقق الداخلي في يومنا هذا باتت محصورة في القيام بأعمال التدقيق التقليدية التي تُركز فقط على ضوابط الرقابة المرئية و التي تساعد في تحقيق المؤسسة لأهدافها ، من وجهة نظر يجب أن لا ينحصر دور المدقق الداخلي في قياس الإمتثال لضوابط الرقابة المرئية بل يجب أن يتعدى ذلك إلى تقييم الرقابة غير المرئية لكونها الأساس الذي يكفل كفاءة أداء الرقابة المرئية غير أن هذا الدور ليس باليسير ذلك أن الضوابط المرئية يسهل قياسها وتقييمها في حين يصعب على المدقق الداخلي إخضاع ضوابط الرقابة غير المرئية للفحص كما أن عملية الحصول على أدلة تظهر عدم الالتزام بها تعد أحد المعوقات.

 

 

جدير بالذكر أن إطار الرقابة الداخلية الصادر عن للجنة رعاية المؤسسات (COSO) قسم عناصر الرقابة إلى رقابة مرئية ورقابة غير مرئية كما أن مكونات البيئة الرقابية التي أوصى بها تشمل كل من: النزاهة والقيم الأخلاقية وكفاءة الموظفين وفلسفة الإدارة وأسلوب عملها والطريقة التي تتبعها الإدارة في تفويض الصلاحيات والمسؤوليات وتنظيم موظفيها وتطويرهم إضافة إلى الإهتمام والتوجيه الذي يُقدمه مجلس إدارة المؤسسة.

 

بيد أنه إذا ما أراد المدقق الداخلي تقييم ضوابط الرقابة غير المرئية التي تتضمنها البيئة الرقابية باستخدام أدوات التقييم الصادرة عن لجنة رعاية المؤسسات (COSO) فإن غاية ما يمكنه فعله هو تقييم تصميم نظام الرقابة الداخلية إذ إنه يجد صعوبة في تقييم مدى فاعلية ضوابط الرقابة غير المرئية فعلى سبيل المثال من الممكن تقييم الثقافة الأخلاقية للمؤسسة من خلال توجيه السؤال التالي "هل تتبنى مؤسستُك ميثاق لقواعد السلوك المهني؟ وهل هو شامل؟ وهل يعالج مسائل مثل تضارب المصالح و المبالغ المدفوعة بصورة غير قانونية؟ وهل مثل تلك القواعد معلنة و منشورة للموظفين؟".

 

لكنه من الصعب بمكان تقييم مدى فاعلية ميثاق قواعد السلوك و خاصة فيما يتعلق بالقواعد الأخلاقية مثل النزاهة و السلوك الأخلاقي بعبارة أخرى كيف لك أن تعرف ما إذا كانت تلك القواعد مُطبَّقة أم لا؟ وهناك أمر مهم آخر وهو أن الرقابة غير المرئية نظرًا لطبيعتها غير الملموسة لا يمكن تدقيقها من خلال مراجعة المستندات لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو "هل إدارة التدقيق الداخلي بحاجة إلى مُدققٍ خاص بالتحليل النفسي لتقييم فاعلية الرقابة غير المرئية لتقديم تقييم شامل للكافة أنواع الرقابة؟".

 

 

ختامًا على الرغم من أهمية الرقابة غير المرئية في تحقيق أهداف المؤسسة يبقى المُدقق الداخلي غير قادر على تقييم فعاليتها ومع هذا فمن الممكن أن تساعد برامج التوعية التي تبين الفرق بين الرقابة غير المرئية و الرقابة المرئية-المُوجهة للإدارة العُليا- المدقق الداخلي في الحصول على دعم الإدارة لإجراء أي تقييم يتم من قبله، كما يسهم إصدار تقرير سنوي مستقل بشأن تصميم ضوابط الرقابة غير المرئية في المؤسسة في دعم أي استنتاج عن مدى فاعليتها.

 

 

 

 

منقول....
أيمن عبد الرحيم : مدقق داخلي رئيسي

قراءة 2791 مرات آخر تعديل في الأحد, 12 يونيو 2022 09:30

الموضوعات ذات الصلة

سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…