يقوم المدققون القانونيون بدور مهم في مراقبة أداء المنشآت بشكل عام سواء كانت بالقطاع الخاص اوما تعلق منها بالوحدات الحكومية المستقلة او بالهيئات والجمعيات والاندية والروابط ذات النفع العام سواء كانت خيرية او تعاونية او عائلية،اجد هنا ان العلاقة ما بين المدققين والمجتمع بشكل عام متداخلة متشابكة لا يستغني فيها المجتمع بمؤسساته المختلفة عن المدقق، وأن اوكسجين المدقق يكمن في مؤسسات المجتمع سواء كانت سياسية، اقتصادية او اجتماعية، باعتبار ان القاسم المشترك لكل هؤلاء يكمن ايضاً بالثروة التي بحاجة الى مراقبة ومراجعة وإبداء رأي حول اوجه انفاقها والتأكد من مدى نجاح الادارة في تحقيق الموارد الماليه التي يتوجب عليها تحصيلها من هذه المنشآت حتى تستطيع الانفاق التي يفرضها واقع الحال وحسب طبيعة هذه المنشأة او تلك.
الدوله الأردنية بسلطاتها الثلاث والمجتمع ومؤسساته المختلفة اجمعت على اهمية مواجهة هذا الوباء الذي اغلق الابواب وأوقف عجلة الانتاج وحركة النقل جوا وبرا وبحرا، بعد ان صدرت اوامر الدفاع وانصاع اليها الجميع مما جعل من احتواء الوباء ممكناً ،ورافق ذلك تعزيز عجلة الانتاج للقطاع الطبي (الصحي) والغذائي ،وما يتطلبه ذلك من خدمات لوجستية مهمة كالنظافة، الطاقة بكل مشتقاتها، رجال الصيانة، خدمات تكنولوجيا المعلومات .واكب ذلك ان صدرت تعليمات للبنك المركزي تتعلق بتأجيل الاقساط المستحقه للبنوك على المنشآت والافراد ،أومنح القروض التي يحتاجها البعض لتسديد التزامات الرواتب او استيراد المواد الاساسية ذات العلاقة بجهود مكافحة الوباء بعد تعزيز سيولة البنوك، بتخفيض الاحتياطي القانوني لها ودعمها بمبلغ آخر من اموال المنح والقروض الميسره، دعماً للانتاج الغذائي والطبي على وجه الخصوص وباقي المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم سواء كان ذلك يهدف الى حمايتها من الافلاس والاغلاق، او لأهميتها في توفير فرص عمل في وقت رفعت فيه كورونا من معدل البطالة الى رقم قياسي، متوافقا ذلك مع ما اصدرته مؤسسة الضمان الاجتماعي من حزمة تعليمات وشروط لمنح الدعم رواتب عاملي المنشآت من صندوق التعطل .
أستطيع القول ان الجزء الاكبر من المنشآت العاملة بالصناعة الغذائية، النسيجية، الطاقة، الصحة والخدمات المساندة بتكاملها صنعت النجاح الذي نشهد، وحيث ان هذا النشاط القاسم المشترك له كان وسيبقى المال اولاً ودائماً فإن الرقابة على حسن انفاق هذا المال وسلامة تحصيله، لا بد من مراقبته ومحاسبته، فمحاسبو هذه الشركات حكماً التحقوا بأعمالهم، والمحاسبة والمحاسبون لا يكتمل عملهم دون مراقبة وتدقيق والجهة القانونية المخولة في ذلك هم المدققون (المحاسبون القانونيون) فلا تكتمل الدائرة دون السماح لهم بالعمل، ولأهمية هذا القطاع في الحفاظ على سلامة الاوضاع المالية والاقتصادية، فقد تولى ادارته منذ ستينيات القرن الماضي ممثلي الحكومة، ومنذ 2003 بموجب قانون تنظيم مهنة المحاسبة القانونية، هيئة عليا برئاسة وزير الصناعة ووزير المالية نائباً له ومن اداريي الصف الاول لمؤسساتنا الاقتصادية (محافظ البنك المركزي، رئيس الاوراق المالية، رئيس ديوان المحاسبة، مراقب عام الشركات، مدير عام التأمين، رئيس المحاسبين القانونيين وآخرين).
لقد ألزمت تعليمات البنك المركزي البنوك بعدم منح التسهيلات أوتجديدها ألا بعد تزويدها بميزانيات مصدقة من محاسب قانوني، وفي ذات السياق فإن ضريبة الدخل الادارة الرئيسة لتحصيل حقوق الخزينة فلا يمكن تقديم اقرار الضريبة اليها من الشركات دون ميزانية صادرة عن محاسب قانوني، بالإضافة الى متطلبات الضمان الاجتماعي حول التسجيل لديها أو الدعم للمنشآت التي شملها قرار الدفاع وغيرها الكثير بحاجة الى ميزانية مصدقة من محاسب قانوني.
لقد قبل المحاسبون القانونيون ما اتفق عليه رئيس جمعية المحاسبين القانونيين مع وزارة الصناعة لإعدد قوائم بالمدققين الممارسين وما نسبته (15%) من العاملين لديهم،تلافيا للاختلاط، الا ان الشركات المعنية والمحاسبين تفاجؤوا بتراجع الوزارة عن هذا الاتفاق ،رغم ان وزيرها رئيس الهيئة العليا لمهنة التدقيق والذي يعلم أهميتها في هذا الوقت العصيب الذي يمر به بلدنا .
ادعو بكل احترام وتقدير لجنة الأوبئة وجهودها العظيمة وجهد الوزارة بأن يسمحوا للمدققين في افتتاح مكاتبهم ،استكمالاً للجهود التي تقوم بها الدولة بكل مكوناتها لمواجهة هذا الوباء اللعين واستكمالا لمتطلبات اوامر الدفاع الرامية الى حماية المنشآت والافراد واقتصادنا ووطننا عموما من هذه الجائحة.
قراءة 1346 مرات
آخر تعديل في الثلاثاء, 14 يونيو 2022 08:27
في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.