طبيعة أعمال المراجعة الداخلية و تأثرها بالتحول الرقمي

طبيعة أعمال المراجعة الداخلية و تأثرها بالتحول الرقمي

 

بداية التحول الرقمي
من أبرز معالم التحول الرقمي و أحداثه المؤثره على أنشط الإقتصاد ككل و كافة المجالات في المحاسبة و المراجعة بشكل خاص هوا إنعقاد الدورة السادسة و الأربعون للمنتدى الإقتصادي العالم (The world Economic Forum) في سويسرا عام 2016 لمناقشة الثورة الصناعية الرابعة (Fourth industrial revolution) و التي تتعلق بالتحول الرقمي و تطوره في العالم أجمع.

مما لا شك فيه أن العالم في الأيام الحالية يعيش تحول رقمي كبير و متسارع بشكل ملحوظ  و الذي يفرض نفسه بشكل واضح على المجالات المهنية مثل المحاسبة و المراجعة و كذلك  المراجعة الداخلية و التدقيق ، و الذي دائما و أبدا منذ ظهور تلك المهنة  اعتدنا على تطورها بتطور البيئة المحيطة بها من زمن إلى زمن و من جيل إلى الآخر.

ظهور الحكومات الإلكترونية جاء نتيجة للتطور التكنولوجي الكبير و التحول الرقمي الملحوظ و المتسارع ، و الذي يعيشه العالم في الوقت الحالي بالإضافة إلى النضج الإلكتروني للخدمات وصل إلى مستويات عالية من الجودة و الدقة و الفاعلية في أداء العمل بشكل أسرع و أدق و بكفاءة عالية نظراً للمنافسة بين المنظمات و تسارع تطور مختلف الحلول التقنية ، مما دفع الحكومات للتحول إلى التوسع في إطلاق و تنفيذ التعاملات الإلكترونية و التحول إلى الحكومات الإلكترونية بشكل كبير.

ظهرت المملكة العربية السعودية كمثال واضح و بارز للحكومة الإلكترونية في الأعوام الأخيرة و الذي كان أحد الأسباب التي ساهمت في رفع ترتيب المملكة في مؤشر الأمم المتحدة في الحكومة الإلكترونية (E - Government Index )  لتحتل المرتبة 52 في عام 2018 ، و تسعى حكومة المملكة العربية السعودية إلى رفع مستوى كفاءة الخدمات الإلكترونية لتصبح ضمن أفضل خمس مراكز على مستوى دول العالم في هذا المؤشر ، و كان ذلك أحد أهداف المملكة التي تسعى إليها من خلال رؤية 2030 .

 

المراجعة الداخلية و صفة التطور المستمر

تتميز مهنة المحاسبة و المراجعة على مر العصور بالتطور و التجدد المستمر مع تطور البيئة المحيطة بها ، لتكوين نظام محاسبي ملاءم يلبي احتياجات البيئة المحيطة به و الأهداف المطلوبه من تلك المهنة ، كذلك ليواكب التغيرات و التطورات على مستوى الأعمال و الأنشطة الإقتصادية المتفاوتة ، لتحسين أعمال تلك الأنشطة و مساعدتها على الوصول إلآ أهدافها التي أنشأت من أجلها ، و لا شك أن التحول الرقمي ساهم في تطوير بعض الجوانب و الإجراءات المتعلقة بمهام و مسؤوليات المراجعة الداخلية و من أبرز تلك الجوانب تتمثل في تحليل البيانات – المراجعة المستمرة – المراجعة عن بعد.

تحليل البيانات (Data Analytics)

تتولد كميات هائلة من البيانات بشكل يومي و مستمر نتيجة إلى التحول الرقمي المتسارع ، حيث يتم تخزينها بعد تجميعها بشكل يومي و مستمر في قواعد بيانات ضخمة ، يمكن إستغلال تلك المعلومات الهائلة للحصول على معلومات تفيد صناع القرار في مختلف الإدارات و الأنشطة في الشركة الواحدة ، و ذلك من خلال تصنيفها و تحليلها و استخراج المؤشرات و الإنحرافات و استخدامها لصنع المعلومة التي تساهم بشكل فعال في صنع القرار، و يأتي ذلك من الجهات الرقابية (المراجعة و التدقيق الداخلي) للمنشأة ، بالإضافة إلا أن تلك الإنحرافات تكسف تقاط الضعف و القوة داخل كل إدارة على حد و المنظمة ككل ، ناهيك عن إكتشاف مؤشرات عمليات الإحتيال والإلكتروني من خلال تحليل السلوك الغير منتظم للبيانات و العمليات التي تمت على الأنظمة ، كما أن تحليل البيانات يمكن المراجع الداخلي من زيادة تغطية و نطاق العمل و التقليل من التكاليف و جهد المراجعة.

المراجعة المستمرة ( Continuous Auditing)

المراجعة المستمرة هي عملية تعتمد على استخدام التقنية للتحقق من الاخطاء في العمليات و البيانات في الوقت الفعلي و ذلك وفقاً لمؤشرات محددة مسبقاً ، و تهدف إلى تزويد إدارة المراجعة الداخلية بتأكيد لحظي قدر المستطاع. تعتمد المراجعة المستمرة على تحديد أهداف واضحة لأبرز العمليات و الضوابط الرقابية و التي يستوجب تحليلها وتقييمها بشكل مستمر ، و أيضاً تحديد مؤشرات لقياس مدى كفاءتها ، كما انها ترتكز بشكل كبير على وجود التقنية المناسبة لها و أيضاً على تحليل البيانات.

المراجعة عن بعد (Remote Auditing)

و هي ترتكز و بشكل كبير على استخدام التقنية لتنفيذ و مباشرة الأعمال ، ولاشك من أن الفيروس المستجد كوفيد19 أجبرت العديد من القطاعات و المنشآت الهنية على مزاولة مهنة المراجعة عن بعد ، جاء تفعيل المراجعة الداخلية عن بعد من خلال الإجتماعات الإفتراضية و بالإضافة إلى تحليل البيانات و المستندات من خلال إلى الأنظمة المطبقة في الشركات و قواعد بياناتها، هذا يجعل المراجعة عن بعد في الرفع من مستوى فعالية تنفيذ مهام المراجعة الداخلية ، كما أن تساعد على تسهيل عمليات المراجعة للمنظمات التي لديها مكاتب و فروع متباعدة.

 

متطلبات نجاح إدارات المراجعة الداخلية

إن نجاح إدارات المراجعة الداخلية و زيادة قدرها على الوصول إلى إهدافها المرغوبه ، مرهون بمواكبة التحول الرقمي و التطورات الحديثة للأعمال و هذا قد يتطلب إهتماماً أكبر للجوانب التقنية و كذلك التركيز على تحليل البيانات و تفعيل منهجيات المراجعة الحديثة ،  و هنا يظهر تحدياً كبيراً لكافة إدارات المراجعة الداخلية في المنشآت الحكومية و كذلك القطاع الخاصة من سرعة و قدرة الموظفين و القيادات الإدارية في مواكبة التطورات والتحول الرقمي الكبير و المتسارع في كافة أنحاء العالم في مجال مهنة المراجعة الداخلية و التدقيق.

 

منقول...
المصدر
مقال م/إبراهيم بن جبر الفيفي
مختص في المراجعة الداخلية و عضو لجان المراجعة
الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين.

 

قراءة 7735 مرات آخر تعديل في الخميس, 02 فبراير 2023 10:18

الموضوعات ذات الصلة

سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…