رسالة ماجستير: إدارة الجودة الشاملة

يحظى موضوع الجودة بالأولوية في اهتمام الفكر الإداري، والمنظمات المختلفة بهدف الإنتاجية، بعد أن اتضح أنها العامل الرئيسي في نجاح المنظمة، وكان نجاح اليابان خلال العقود الثلاث الأخيرة من القرن الماضي، نموذجاً لسعى المنظمات للاهتمام بالجودة

إذ أثبتت التجربة اليابانية، أن الجودة لا تعني بالضرورة السعر المرتفع، وهذا ما أكدته السلع اليابانية التي غزت الأسواق الأمريكية والأوروبية، بجودة مرتفعة وسعر منخفض، فقد أدت التحسينات المستمرة للجودة إلى تخفيض التكلفة، وتمكنت اليابان من تحقيق إنجازات على المستوى العالمي، بتطبيق فلسفة متقدمة ورائدة، وهي فلسفة إدارة الجودة الشاملة، التي تعتمد على التحسين المستمر للجودة، واعتبار الجودة مسئولية الجميع.

وبشكل عام كان للنتائج المهمة التي أحدثتها الثورة الصناعية، جانب كبير من التطور الذي حدث في مفاهيم الجودة، وفلسفتها وأدواتها، ويمكن اعتبار التطوير المهم الذي قدمه العالم الإحصائي Walter Shewart، للرقابة على الجودة في بداية العشرينات من القرن الماضي، البداية العلمية الحقيقية لمرحلة الجودة بمفهومها الحديث، الذي تركز على إرضاء العميل، وهو مفهوم إدارة الجودة الشاملة، وكان لإسهامات رواد الجودة أثر كبير في تشكيل فلسفتها، وإطارها الفكري.

لقد ظهرت كلمة (شاملة) لأول مرة سنة 1951، حين قام رائد الجودة المشهور feigenbaum بنشر كتابه (مراقبة الجودة الشاملة Total Quality Control)، قدم فيه إدارة الجودة الشاملة، على أنها أسلوب لإدارة المنظمات، يقوم على التحسين المستمر للجودة، والتلف الصفري، وحلقات الجودة، ومشاركة الجميع في تطوير الجودة، وتحقيق النجاح والتميز في أداء المنظمة، وتدعيم مركزها التنافسي، وذلك من خلال الوصول إلى إرضاء العميل.

إن التحديات العالمية المعاصرة، المتمثلة في عولمة الاقتصاد، والمنافسة العالمية، وتحرير التجارة الخارجية، والتطورات التكنولوجية السريعة، والمتلاحقة في البيئة المحيطة بالمنظمات، أدت إلى ضرورة إتباع منهج يهتم بمتابعة هذه التطورات، ومحاولة السيطرة عليها، من أجل الاحتفاظ بميزتها التنافسية، ومكانتها في الأسواق العالمية، وقد أثبت الواقع أن هذا المنهج هو إدارة الجودة الشاملة.

وتعد إدارة الجودة الشاملة، من أكثر المفاهيم الفكرية والفلسفية، التي استحوذت على الاهتمام الواسع للاختصاصيين والباحثين، ولقيت نجاحاً وشيوعاً في التطبيق لدى المنظمات المختلفة، وخاصة في اليابان وأمريكا والدول الأوروبية، ودول جنوب شرق آسيا، وقد أثبتت التجارب، وجوب انتهاج مدخل إدارة الجودة الشاملة، لأنه السبيل الوحيد الذي يضمن بقاء المنظمات واستمرارها في عالم اليوم، القائم على المنافسة الشديدة، وسيطرت رغبات العملاء، وتعدد البدائل أمامهم.

إن تطبيق إدارة الجودة الشاملة، يتطلب جهداً ووقتاً، وموارد كبيرة، ويتطلب وجود قيادة حكيمة وواعية، بعمليات تطوير وتغيير ثقافة المنظمة، واستبدالها بثقافة أخرى جديدة، تتلاءم مع مبادىء إدارة الجودة الشاملة، ومتطلبات تطبيقها.

ويشير الواقع العملي للاقتصاد الجزائري، أن منظماتنا الوطنية تعاني من مشاكل كثيرة، تقف عائقاً أمام نموها وتطورها، أهمها تدني مستوى جودة المنتجات، وانخفاض الإنتاجية، فهي غير قادرة على مواجهة منافسة المنتجات الأجنبية في الأسواق الوطنية والعالمية.

إن ضمان البقاء الاقتصادي لمنظماتنا الوطنية، يتطلب منها العمل على تحسين ربحيتها، برفع مستوى جودة منتجاتها وتخفيض تكلفتها.

ولتطوير اقتصادنا أصبح لزاماً على هذه المنظمات، أن تكون في موقف تنافسي متميز، وأن تكون قادرة على مواجهة المنافسة العالمية الحادة، التي تزداد يوماً بعد يوم، وأن تسخر كل إمكانياتها لإنتاج منتجات وخدمات، ذات جودة عالية، وتكلفة منخفضة، وسعر مناسب، تلبي احتياجات العميل ورغباته، في الأسواق الوطنية والخارجية، ولن يتحقق لها هذا إلا من خلال تبنيها لفكر وفلسفة إدارة الجودة الشاملة.

 

إعداد

فتيحة حبشي

 

إشراف

أ.د عبد العزيز شرابي

 

 

للإطلاع على المرفقات
قراءة 617 مرات آخر تعديل في الخميس, 25 أغسطس 2022 14:10

الموضوعات ذات الصلة

سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…