التخطيط الاستراتيجي وقت الازمات

لم تقم التكنولوجيا بتزويدنا بكرة بلورية بعد، لذلك لا يمكن لأحد ان يرى المستقبل ولكن بالنسبة للذين يشغلون مناصب قيادية مالية من الضروري ان نجعل التخمينات الأكثر تعليماً ممكنة وأن يتم تصحيحها في كثير من الأحيان

وبسبب جائحة كورونا فإن قدرة المنظمة على التخطيط الاستراتيجي والتكيف حسب الحاجة للتغيرات في المشهد الخارجي، يمكن أن تعني الفرق بين الازدهار والفشل.

يعد التخطيط الاستراتيجي الفعال أمراً ضرورياً لكل مؤسسة بغض النظر عن الصناعة، وما إذا كانت مسؤولة عن جني الأرباح ام لا.

إن تحليل الظروف الحالية ثم تقييم ما تعنيه تلك الظروف للمستقبل له أهمية خاصة في وظيفة التمويل الاستراتيجي، نظراً لحاجة أن يعمل المديرون الماليون دائماً مع وضع استراتيجية استشرافية في الاعتبار وأن الحاجة أكثر إلحاحاً في أوقات الأزمات. فلنفكر في أفضل السبل لوضع الخطط عندما يبدو المستقبل القريب غير مؤكد او يمثل تهديداً.

من أين ابدأ؟

يجب على المنظمات التركيز على طرح سلسلة من الأسئلة الأولية والأساسية. مثل ما نوع الازمة التي نواجهها؟ هل ستستمر الظروف في التدهور؟ متى سيكون هناك تعافي وما هو نوع التعافي؟

وبعد التعامل مع هذه الأساسيات من الضروري التركيز على التفاصيل المالية في البيئة الحالية. ماذا نتوقع لبيئة الاقتصاد وأسعار الفائدة؟ هل سيكون هناك أي شكل من أشكال الإغاثة؟ كيف نتوقع من الشركات الأخرى سواء كانت مثل شركاتنا او عكسها ان تتغلب على العاصفة.

عندما يتعلق الأمر بالتخطط الاستراتيجي، أثناء الازمات او غير ذلك فإن المنظمات التي تركز على النمو المستدام عادة ما تكون بارعة تماماً والسبب في ذلك بسيط، لا يمكنك الاستمرار في التوسع دون التخطيط بعناية للدورة التدريبية التي تراجعها بانتظام وإعادة تقييمها حسب الحاجة. يجب أن تتضمن أي خطة استراتيجية بعض الأساسيات مع التركيز على تقييم نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات ((SWOT قد يبدو تحليل (SWOT) المجرب والصحيح والمخصص بشكل مناسب للتعامل مع الظروف المحددة في متناول اليد وكأنها مهمة بسيطة ولكن حتى اذكى قادة الأعمال قد يواجهون صعوبة في تحديد او ربما الاعتراف بنقاط الضعف والتهديدات الرئيسية ذات الإمكانات لعرقلة مبادرة الاستراتيجية.

وهذا يسلط الضوء على حقيقة أنه لكي تكون الخطة فعالة حقاً يجب ألا تتجاهل او تفشل في الاعتراف بالحقائق غير السارة يجب أن تكون صادقاً الى حد كبير إذا لزم الأمر، على حساب الذات الفردية إن ذلك أكثر أهمية خلال الأوقات الصعبة عندما يكون هناك حاجة الى تنفيذ خطة استراتيجية على الفور.

لا يمكن للشركة ان تنفذ بنجاح مبادرة مؤسسية واسعة النطاق، مثل الدمج على سبيل المثال دون التخطيط المسبق الجوهري. هذه مساع معقدة بشكل ملحوظ وتتطلب تقييماً وتحليلاً مكثفاُ فضلاً عن إنشاء خطة شاملة من المحتمل ان تتغير بمرور الوقت.

إذا كان هناك شيء واحد أكثر خطورة من الخطة الاستراتيجية المعيبة او غير الدقيقة، فهو الشركات التي ليس لها خطة على الإطلاق حتى أكثر إجراءات الشركات روتياً تحتاج الى ان تكون مدفوعة بالتخطيط الدقيق والمسبق وإلا فمن شبه المؤكد انهم لن ينجحوا. وما هو الهدف من المضي قدماً في مبادرة حتى لو كانت محدودة النطاق، إذا لم تكن نيتك أن تكون ناجحاً فإن قيادة منظمة بدون خطة استراتيجية تشبه القيادة في جميع انحاء البلاد بدون استخدام الملاحة قد تصل في النهاية الى وجهنك المقصودة لكنك ستمر بالعديد من المنعطفات الخاطئة وينتهي بك الامر بالضياع أكثر من مرة وستكون دائماً متأخراً جداً.

 

ما الذي عليك عدم فعله؟

بغض النظر عن جودة او عدم جودة الخطة الاستراتيجية لمنظمة ما، يأتي وقت يجب فيه تنفيذ هذه الخطة في وقت التحدي وعدم اليقين، نادراً ما يكون هناك نقص في القادة الذين يكرهون المخاطرة والذين يميلون نحو نهج الانتظار والترقب.

فسواء في العمل او الحياة اليومية يقدم كل موقف ثلاثة خيارات: لا تفعل شيئاً او افعل شيئاً او افعل شيئا أكثر من ذلك. مما لا شك فيه لا تفعل شيئاً قد تكون استراتيجية أولية مناسبة تماماً لكن نقطة التحول تأتي إذا استمرت الازمة القائمة على التفاقم. في هذه الحالة سيكون القائد الفعال على استعداد لتغيير المسار وتجربة شيء مختلف في حين أن القائد غير المناسب سوق يطغى عليه عدم اتخاذ قرار على حساب المنظمة بالكامل.

 

العمل الضروري

هناك أوقات يمكن أن يكون فيها التوقف لتقييم الظروف الحالية خطوة حكيمة، خاصة إذا كان هناك احتمال معقول بأن الظروف قد تتحسن من تلقاء نفسها. في كثير من الأحيان يؤدي تأخير تنفيذ الاستجابة الى تمكين الفوضى او الأطراف الخارجية من السيطرة على المستقبل او إملاء المستقبل.

تمسك بالمهمة

خلال الأوقات الصعبة، كيف يمكن للشركات الاستفادة من خطتها الاستراتيجية لمساعدتها على الصمود في وجه العاصفة، يجب أن تبدأ دائماً بالتركيز على الأهداف طويلة المدى وعدم المبالغة في رد الفعل على الظروف الحالية. وهذا يعني أن تكون على دراية ببيانات مهمة بالشركة ورؤيتها او إعادة التعرف عليها وتظل على مبادئها التوجيهية بغض النظر عن مدى صعوبة الظروف.

مع اخذ أهمية بيانات المهمة والرؤية في الاعتبار من الضروري كجزء من أي عملية تخطيط استراتيجي ولكن بشكل خاص خلال الأوقات الصعبة أن تضع في اعتبارك ما تقوم به الشركة بشكل جيد من الناحية المثالية، ما تفعله بشكل أفضل من منافسيها. يتم تحديد ذلك بشكل أفضل من خلال تقييم دقيق من قبل كبار صانعي القرار، الذين يجب عليهم بعد ذلك التوصل الى توافق في الآراء حول الاتجاه الاستراتيجي والكفاءات التنظيمية. تقوم الشركات بالعديد من الأشياء المختلفة وكلما كبرت الشركة زاد احتمال القيام بذلك ولكن من خلال التركيز على عدد قليل من مجالات التميز الرئيسية والتأكيد عليها، تضع المنظمة نفسها في أفضل وضع ممكن للتغلب على التحديات قصيرة المدى.

من الضروري بعد ذلك تحديد جميع المخاطر المباشرة، مع إدراك انه سيكون هناك أكثر من المعتاد بسبب الازمة المطروحة لكن المخاطرة تأتي دائماً مع إمكانية المكافأة لذلك من الضروري ايضاً النظر في فرص النمو التي قد تكون فريدة في البيئة الحالية.

بمجرد الانتهاء من كل هذا، بمجرد ان تتفق القيادة على ما يجعل الشركة قوية وما هو اتجاهها الأساسي وما هي المخاطر والفرص الموجودة فقد حان الوقت للتعامل مباشرة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين مثل العملاء وحملة الأسهم والموظفين والمقرضين والمنظمين والمجتمعات التي تخدمها الشركة. كل هذه المجموعات لها مصلحة راسخة في نجاح الشركة ووجهات نظرهم على الرغم من انها قد تختلف عن وجهات نظر الإدارة العليا او ربما بسبب هذه الاختلاف على وجه التحديد لا تقدر بثمن. هذا الذكاء الخبير الذي تم تنقيحه من خلال المصلحة الذاتية الطبيعية لكل صاحب مصلحة عند دمجها مع معلومات السوق التقليدية التي تم جمعها عبر قنوات مختلفة تخلق مورداً معرفياً يجب أن يكون عنصراً أساسياً في عملية التخطيط واتخاذ القرار.

يمكن أن يكون التعامل مع أصحاب المصلحة عملية معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً ولكنها لا تقدر بثمن وغالباً ما توفر مستوى من الذكاء لا يتوفر في أي مكان آخر ولأنه لا يأتي من أولئك الذين لديهم اهتمام واضح بالنجاح المستمر للشركة فإنه يوفر درجة لا مثيل لها من المصداقية.

تولى القيادة

عند مناقشة التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار، يبقى هناك اعتبار أخير، على الرغم من الوقت والجهد المبذولين في عملية التخطيط وكمية المعلومات التي تم جمعها ومدى التزام أصحاب المصلحة الرئيسيين بدعم مستقبل المنظمة، عندما تكون في أقصى درجات التحدي هناك عامل واحد غالباً ما يحدد النجاح ام الفشل هذا العامل هو القيادة بدون قائد او فريق قيادة يأخذ جميع المعلومات المتاحة ويقدم تحليل للخبراء ثم يتخذ قرارات واثقة من المرجح أن يكون عابراً.

في حين أن القيادة أمر بالغ الأهمية دائماً إلا أنها أكثر أهمية خلال الأوقات الصعبة في هذه الفترات ستحدد جودة القيادة في النهاية ما إذا كانت المنظمة ستصبح ضحية للظروف او أنها قادرة على الاستمرار في أوقات أفضل وأكثر ازدهاراً.

 

قراءة 557 مرات آخر تعديل في الثلاثاء, 20 سبتمبر 2022 08:10

الموضوعات ذات الصلة

سجل الدخول لتتمكن من التعليق

 

في المحاسبين العرب، نتجاوز الأرقام لتقديم آخر الأخبار والتحليلات والمواد العلمية وفرص العمل للمحاسبين في الوطن العربي، وتعزيز مجتمع مستنير ومشارك في قطاع المحاسبة والمراجعة والضرائب.

النشرة البريدية

إشترك في قوائمنا البريدية ليصلك كل جديد و لتكون على إطلاع بكل جديد في عالم المحاسبة

X

محظور

جميع النصوص و الصور محمية بحقوق الملكية الفكرية و لا نسمح بالنسخ الغير مرخص

We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…